طوّر ذاتـكمقالات مُـنتقاة

قلق الامتحانات وكيف نحوله إيجابياً

Share

قلق الامتحانات

55566888798798

 علي الرغم من أن قلق الامتحانات ظاهرة عامة تصيب كل الناس تقريباً بدرجات مختلفة، وربما يعتبر القلق بدرجاته المعقولة حافزاً للدراسة والإجادة، إلا أنه في بعض الأحيان يتجاوز هذه الحدود المفيدة والمحفزة ويصبح عائقاً أمام عملية التعلم ويؤثر تأثيراً شديداً علي الاداء في الامتحانات، فنجد بعض الطلاب المتميزون يضعف أداؤهم في الامتحانات بسبب هذا القلق رغم أنهم يكونون قد بذلوا جهوداً هائلة في المذاكرة طوال العام  . والقلق ليس قاصراً علي الطلاب فقط بل يشمل ايضاً الآباء والأمهات وربما يكون الأخيرين هم احد مصادر القلق الهامة لدي أبنائهم دون أن يدروا.

ما الذي يجب أن نفعله تجاه هذا القلق ؟

ليس هدفنا إزالة قلق الامتحانات، فقد ثبت انه مفيد في درجاته المعقولة، ولكن الهدف هو تخفيض حدته وتعلم مهارات السيطرة عليه حين يتجاوز حدوده المفيده، فالقلق يمكن ان يكون احد حتمالين:

1- اشارة تحذير لكي نقوم بفعل اشياء يتوجب علينا فعلها أو حل مشاكل تتطلب المواجهة.

2- تشويش للعقل وتعطيل لملكاته.

 ■■■■■■

 ماهي أعراض قلق الامتحانات ؟ :

 تنقسم الأعراض إلي ثلاث مجموعات رئيسية:

1- أعراض نفسية:

مثل التوتر، الانزعاج لأسباب بسيطة، افكار سلبية حول الذات (الشعور بالدونيه وبعدم القدرة علي تحقيق النتائج ) , توقعات سيئة للمستقبل، الشعور بعدم الارتياح، الشعور بالخوف والترقب، الشعور بزيادة الضغوط وتراكم المسئوليات وعدم القدرة علي الاحتمال، سرعة الاستثارة، العصبية، الرغبة في الصراخ، الشعور بأن العقل في حالة تسارع متزايد أو في حالة تجمد وانحسار.

2- أعراض جسمانية:

الشعور بالتعب والإرهاق، الصداع، شد في العضلات، اضطرابات في البطن، غثيان، قئ، الرغبة في التبول والتبرز مرات كثيرة، الدوخة، سرعة التنفس، الإحساس بالاختناق، سرعة ضربات القلب، رعشة وبروده في الأطراف، زيادة إفراز العرق، الإحساس بالسخونة أو البرودة الزائدة.

3- اعراض تفادي وسلوكيات تعويض:

مثل عدم الذهاب للمدرسة، الاعتذار عن مواعيد الدروس الخصوصية أو التهرب منها، الخوف من المواجهة، الخوف من دخول الامتحانات والرغبة في تأجيلها، كثرة النوم ليلاً ونهاراً، محاولة الانشغال بأشياء اخري ( مشاهدة التليفزيون، قراءة القصص والمجلات، الخروج مع الاصدقاء ).

ماهو تأثير القلق علي العمليات العقلية؟

1- التأثير علي الذاكرة:

تنقسم الذاكرة إلي ثلاث عمليات رئيسية هي التسجيل والتخزين والاسترجاع، والقلق هنات يؤثر علي كفاءة هذه العمليات الثلاث، لذلك حين نكون قلقين نشعر بأننا لانستطيع التركيز ولانستطيع الاحتفاظ بالمعلومات الواردة للمخ ولا نستطيع استعادة المعلومات المختزنة.

2- التأثير علي التفكير:

بما أن التفكير عملية معقدة تحتاج لقدرات عقلية متعدده فإن القلق يؤثر كثيراً في القدرة علي التفكير السليم لذلك يمكن ان تحدث حالة تسارع للتفكير (RACING) دون سيطرة، أو تحدث حالة انغلاق وتوقف (BLANk OUT).

3- ظاهرة فراغ العقل:

بعض  الطلاب يبذلون جهداً كافياً في المذاكرة، ولكنهم في بعض الأوقات وخاصة قبل الامتحان بأيام قليلة أو اثناء الامتحان يشعرون وكأن عقلهم اصبح فارغاً تماماً من المعلومات، وهذا يؤدي الي حالة من الانزعاج واحياناً تصل إلي درجة الهلع، وبعضهم ينظر إلي ورقة الأسئلة وكأنها مكتوبة بلغة لا يفهمها أو انها بيضاء تماماً أو سوداء تماماً، وتحدث حالة من فقد الذاكرة المؤقت وانغلاق التفكير . هذه الحالة هي نتيجة لدرجة عالية من القلق، وهي شعور كاذب بفقد الذاكرة وفقد القدرة علي التفكير، ويكفي الشخص ان  يجلس لبعض الوقت ويحاول استعادة هدوئه وسوف يجد أن باب الذاكرة ينفتح بالتدريج وانه اصبح قادراً علي قراءة بعض الاسئلة، واصبح قادراً علي استرجاع المعلومات الخاصة بها شيئاً فشيئاً، فالأسئلة نفسها تعتبر مفاتيح للذاكرة المختزنة.

واحد اسباب هذه الظاهرة ايضاً هو ان الطالب يحاول قبل الامتحان بأيام ان يتذكر المادة أو المواد التي درسها دفعة واحدة فيعجز العقل عن ذلك (ومثال لذلك اذا حاول شخص يجلس امام الكومبيوتر ان يفتح كل النوافذ وكل البرامج دفعة واحده)، فالعقل لايستطيع ان يعمل بهذا الشكل (وكذلك الكمبيوتر)، ولكنه قادر علي التعامل مع مفاتيح معينة بشكل مبسط ومحدد، ولذلك فالطالب الذي كان يشعر بفقد كل المعلومات قبل الامتحان بأيام قليلة يصبح قادراً علي التذكر حين يجلس في لجنة الامتحان ويتناول ورقة الاسئلة، حيث تعتبر الاسئلة هنا مفاتيح نوعية لأبواب الذاكرة المختزنة.

والسبب الأخير هو أن بعض الطلاب حين يقرأون موضوعاً يعتقدون انهم قد فهموا المقصود من هذا الموضوع، ولكن هذا الفهم وحده غير كاف لتذكر الموضوع وكتابته في الامتحان لذلك لابد من محاولة الاسترجاع (التسميع) اثناء المذاكرة وذلك بغلق الكتاب ومحاولة استعادة النقاط الأساسية في الموضوع واستعادة التفاصيل المتضمنه في هذه النقاط، وبذلك نتأكد أن الموضوع قد تم حفظه في الذاكرة فعلاً (والمثال المقابل لذلك هو الشخص الذي يجلس امام الكمبيوتر لساعات طويلة يقرأ ويشاهد اشياء كثيرة، ولكن لن يتبقي علي الكومبيوتر بعد إغلاقه إلا ماقد تم إعطاء الأمر بحفظه).

 ■■■■■■

كيف نعدل أفكارنا واتجاهاتنا نحو القلق ؟

 حين تشعر بالقلق أو زيادة الضغوط حاول أن تتبني وتمارس النقاط التالية:

1-  إنه من المتوقع ان أشعر بالقلق في هذه الظروف، لذلك فإنا لا أشعر بالفزع تجاه قلقي الحادث الآن.

2- أريد أن امر بهذه الخبرة وأواجه أعراض القلق لكي أتعلم كيف اتعامل مع هذه الأعراض، وليست هناك حاجة للخوف من كل ذلك.

3- إن تعاملي مع الموقف الحالي هو مجرد تجربه ( بروفه) لتعاملي مع مواقف اخري، ونجاحي في هذه التجربة يعطيني ثقة في نفسي وفي مستقبلي، وعدم نجاحي يحفزني لمحاولات اخري اكثر فاعلية.

4- أنه من المهم ان أحاول وان ابذل جهداً، وسوف استمر بعون الله في المحاولة والتعلم منها ومن أخطائي.

5- أنا استطيع التحكم في بذل الجهد ولا استطيع في كل الأحوال التحكم في النتائج.

   ■■■■■■

كيف نتغلب علي قلق الامتحان ؟

 ربما يكون ذلك هو السؤال الأهم في هذا الموضوع وسوف نوجزه في النقاط المحددة التالية:

اهتم بإعداد نفسك جيداً للامتحان من أول السنة الدراسية.

تعامل مع الامتحان بثقة وانظر اليه علي انه فرصة لاظهار جهدك وتعبك طوال العام.

مارس عملية الاختبار الذاتي من خلال الاجابه علي اسئلة أو حل امتحانات طوال العام .

■ حافظ علي نمط حياة صحي بأن تأخذ قسطاً كافياً من النوم، وتتناول غذاءاً متكاملاً وتمارس الرياضة البدنية، وتمارس بعض الهوايات الشخصية المحببة، وتحتفظ بقدر معقول من العلاقات الاجتماعية.

تعود علي ممارسة وقف التفكير السلبي خاصة حين تجد أفكاراً انهزامية تقتحم عقلك مثل:

“الإمتحانات ستكون صعبة جداً هذا العام”..

 “أنا سأكون اقل من زملائي “..

“انا فهمي بطئ وقدرتي علي التفكير ليست مثل بقية زملائي”..

“اسرتي سوف تلومني علي تقصيري”..

“حين تظهر النتيجة سينظر إليّ الجميع باحتقار…”.

تعود علي التفكير الايجابي كأن تقول:

” لقد أديت مافي استطاعتي وذاكرت بشكل جيد وسيكون أدائي جيداً في الامتحان “..

“هذا ليس أول امتحان ولا آخره، ودائماً هناك فرص للتعويض”

حين تشعر قبل الامتحان بأيام قليله ان رأسك خالية تماماً من المعلومات التي ذاكرتها، لا تنزعج فهذا شعور غير حقيقي ( كما قلنا من قبل) وهو يدل علي ان درجة القلق لديك عاليه، وكل ماتحتاجه هو ان تهدئ نفسك وسوف ينفتح باب الذاكرة في الوقت المناسب، وتذكر ان هذا الشعور يساور الكثير من الطلاب وعلاجه هو مواصلة المذاكرة مع محاولة استعادة الهدوء.

■ قبل الذهاب للسرير في الليلة السابقة للإمتحان قم بجمع الأدوات التي سوف تحتاجها مثل القلم الجاف والقلم الرصاص والمسطرة والممحاه والآلة الحاسبة.. الخ.

تأكد من وقت الامتحان ومكانه.

اضبط المنبه ثم استلق في السرير واترك نفسك للنوم ولا تشغل نفسك بموعد دخولك في النوم بل دعه يأتي بشكل تلقائي في أي وقت، وحتي لو تأخر بعض الوقت فيكفي انك في حالة استرخاء علي السرير، وكلما حاولت الأفكار والمخاوف ان تقتحم وعيك انشغل عنها بمزيد من الاسترخاء والتنفس الهادئ المنتظم وتخيل انك تسدل ستارة بينك وبين هذه الأفكار والمخاوف.

تجنب تناول أي منبهات في المساء ليلة الامتحان حتي تستطيع ان تحصل علي نوم هادي . تجنب ايضا تناول المهدئات والمنومات (إلا باستشارة طبيب متخصص في الطب النفسي) حيث ان بعض المنومات والمهدئات قد تؤثر علي الذاكرة والتركيز.

■ لا تذهب إلي الامتحان وبطنك خاويه، حاول تناول افطار خفيف ومناسب، تذكر ان الخضروات والفواكه الطازجة والمملحة والمخزونة، والمشويات والشيكولاته والمشروبات الغازية، والأطعمه المحتوية علي شطه أو توابل كثيرة كلها تزيد من التوتر النفسي.

■ اذهب للإمتحان في وقت مناسب بحيث  لايكون مبكراً جداً ولا متأخراً جداً.

■ لا تتحدث مع اصدقائك عن موضوعات الامتحان بل الأفضل قضاء اللحظات التي قبل الامتحان في احاديث وديه مرحة وخفيفه.

حين يتم توزيع ورقة الأسئلة حاول تهدئة نفسك بأخذ نفس هادئ وعميق ومنتظم مع قراءة بعض الأدعية الدينية تستجلب بها العون والتوفيق من الله.

■ حين تتسلم ورقة الأسئلة اقرأ التعليمات جيداً واقرأ الأسئلة بإمعان، وركز في الامتحان فقط ولا تنشغل بما يدور حولك من كلام الزملاء أو حركاتهم، ولا تفكر في الامتحانات السابقة ولا في الأهداف المستقبلية، فقط ركز انتباهك في الامتحان.

ربما تمر لحظات وانت تشعر أن عقلك ممسوح تماماً وانك غير قادر علي تذكر أي شئ.. لاتقلق واحتفظ بهدوئك وسوف يعود نشاطك العقلي بعد قليل من الوقت.

■ إذا شعرت بالتوتر اثناء الامتحان خذ راحة لبضع دقائق وحاول تهدئة نفسك، قم بشد يديك ورجليك للأمام ثم دعهما بعد ذلك يسترخيان، وكرر ذلك مرتين . خذ انفاس هادئة وعميقة، وقم بترديد بعض العبارات الايجابية داخل نفسك مثل: “أنا بحالة جيدة والحمد لله وسوف اقوم بحل الامتحان” تذكر دائماً انه كلما انخفض مستوي القلق ارتفع مستوي الذاكرة والتفكير.

اذا وجدت ان الامتحان اصعب مما توقعت، حاول فقط أن تركز وأن تبذل مافي وسعك في هذه اللحظات.

حين تنتهي من الامتحان تماماً عالج أثار القلق الذي اصابك اثناءه بأن تخرج في نزهة أو تقضي بعض الوقت مع الأصدقاء أو تمارس هواية محببه، اما اذا كانت هناك امتحانات تالية فيمكنك اخذ أوقات قصيرة تفعل فيها ذلك لتجديد نشاطك ثم تعود للمذاكرة مره اخري.

تعتبر مهارات الاسترخاء شيئاً اساسياً للتعامل مع ضغوط المذاكرة والامتحانات، فمن خلال الاسترخاء نتعلم كيفية التخلص من التوتر وكيفية تهدئة ايقاع النفس والجسم.

اذا لم تفلح كل هذه المحاولات في تخفيض درجة القلق، ووجدت انه يؤثر كثيراً في ذاكرتك وقدرتك علي التفكير فلا مانع من استشاره طبيب نفسي.

___________

عن د.محمد المهدي

الطبيب النفسي

Share
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error:
إغلاق
إغلاق