صحّح عبادتك

دعاء القنوت في رمضان وآدابه

Share

 

قال النووي: (المذهب أن السنة أن يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر في النصف الأخير من شهر رمضان، وهذا هو المشهور في المذهب، ونص عليه الشافعي رحمه الله؛ وفي وجه يستحب في جميع شهر رمضان، وهو مذهب مالك . . . ).

ومن السُنة الجهر ورفع اليد والتأمين في القنوت في الوتر في رمضان ، وأن يؤمِّن من خلفه ويرفعوا أيديهم .

????
ومن صيغ دعاء القنوت :
????
منها ما روى الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني واصرف عني برحمتك شرَّ ما قضيت، إنك تقضي ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت». ( أبوداود)

وعن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» ( أحمد فى المسند)

وعن عمر رضي الله عنه أنه قنت في صلاة الفجر فقال: «اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك، ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله، ونشكرك ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجدَّ بالكفار ملحق، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك» ( البيهقي – السنن الكبرى )

وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول في القنوت: «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين» ( البيهقي )

????

(((( لكن أعزائي يجب أن يكون على صواب واجتناب الأخطاء التالية من جانب الإمام والمأموم ))))

????

? من الخطأ ؛ رفع البصر إلى السماء أثناء الدعاء، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لينتهين أقوام عن رفعهم أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم” وأصل الحديث في الصحيحين.

? من الخطأ ؛ المبالغة في رفع اليدين ظناً أن هذا أقرب للاجابة، وأبلغ في الخشوع، (ورفع اليدين إنما يكون حذاء الصدر إلاّ في الاستسقاء)، أخرج الشيخان عن أنس – رضي الله عنه – أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، فقد قصر أنس – رضي الله عنه – المبالغة في رفع اليدين في الدعاء من حال الرسول صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء فقط.

? من الخطأ ؛ المبالغةُ في رَفْعِ الإمامِ صَوْتَه في الدعاء؛ حتى يَصِلَ- أحيانًا- إلى حَدِّ الصِّياحِ والصُّراخِ.

هذا يحدُثُ مع أنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف : 55] فسمَّى اللهُ سبحانه وتعالى رَفْعَ الصَّوْتِ في الدُّعاءِ اعتداءً، ويقولُ سبحانه: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[الإسراء : 110] وفي الحديثِ الذي رواه البخاريُّ ومسلمٌ: ((ارْبَعُوا على أنفُسِكم؛ إنَّكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبًا، إنَّكُم تدعونَ سميعًا بصيرًا…))، ورَفْعُ الصَّوتِ بالدُّعاءِ بالإضافةِ إلى مخالفَتِه للسُّنَّة، مُذهِبٌ ومنافي للخشوعِ، جالِبٌ للرِّياءِ، والعياذُ بالله.
أخرج البخاري في صحيحه 5/2331: عن عائشة رضي الله عنها في قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك ولا تُخافت بها} أنها قالت: أنزلت في الدعاء.
قال الحسن البصري رفع الصوت بالدعاء بدعة وكذلك نص عليه أحمد بن حنبل وغيره.

ورفع الصوت بالقرآن والقنوت في الصلاة أو خارجها مما هو خارج عن المعهود، وكذا الصراخ بهما: يعتبر من التعدي في الدعاء، ومن سوء الأدب بين يدي الله، كما أنه من البدع المحدثة والشطحات المخالفة.

? من الخطأ ؛ المبالغةُ في رَفْعِ الصَّوتِ بالبُكاءِ.

ينبغي للإمامِ إذا تأثَّرَ بالقرآنِ أو بالدُّعاءِ أن يُدافِعَ البُكاءَ، فلم يكُنْ مِن هَدْيِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يبكِيَ في الصَّلاةِ بصوتٍ عالٍ ليُبْكِيَ مَن خَلْفَه؛ كما يفعله بعضُ الأئمَّةِ اليومَ- هداهمُ اللهُ- فيَسْتَدْعونَ ببكائِهم بُكاءَ غَيْرِهم، ناهيك أنَّهم يبكونَ بِنَحيبٍ وعَويلٍ وشَهيقٍ، بل كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يكتُم بكاءَه في صدْرِه؛ حتى يُصْبِحَ له أزيزٌ كأزيزِ المِرْجَلِ- أي: كَغَلْيِ القِدْرِ-؛ قال ابنُ القَيِّمِ رَحِمَه اللهُ عن هَدْيِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في البُكاءِ: (وأمَّا بكاؤُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكانَ مِن جِنْسِ ضَحِكِه؛ لم يكُنْ بشَهيقٍ ورَفْعِ صَوْتٍ)، ولم يشعرْ ابنُ مسعودٍ رَضِيَ الله عنه ببكاءِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا قرأ عليه طَرَفًا من سورةِ النِّساءِ، إلَّا بعد أنْ نَظَرَ إليه، فوجد عينَيهِ تَذْرِفانِ، والقِصَّةُ في صحيحِ البُخاريِّ؛ فمدافعةُ البُكاءِ اتِّباعٌ للسُّنَّة، ومدعاةٌ للإخلاصِ.

? من الخطأ ؛ الإطالةُ المُفْرِطَةُ في الدُّعاء.

بعضُ الأئمَّة ربَّما جعل دعاءَ قُنوتِه أطوَلَ مِن صلاتِه، وهذا خلافُ هَدْيِه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ إذ كان يدعو بجوامِعِ الكَلِمِ

? من الخطأ ؛ السجع المتكلف، أخرج البخاري في صحيحه أن ابن عباس – رضي الله عنه – قال ناصحاً لمولاه عكرمة – رحمه الله: (انظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك يعني لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب)…. والسجع هو اختيار كلمات متساوية فى القوافي أو متشابهه في الحروف والنطق . مثل ( “…يامن نجيت موسى بالتابوت، وحميت محمدا بالعنكبوت…” وغير ذلك

? من الخطأ ؛ المبالغةُ في التَّلحينِ والتَّطريبِ والتغنِّي في الدُّعاءِ ؛

تلحينه والتعبد بذلك، حتى إنك تسمع تغنيه بالدعاء كتغنيه بالقرآن، وهذا خطأ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – “قوله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، يقتضي أن التغني المشرع هو بالقرآن، وأن من تغنى بغيره فهو مذموم”.
وجاء في فتوى اللجنة الدائمة ما نصه: “وعلى الداعي ألاّ يشبه الدعاء بالقرآن فيلتزم قواعد التجويد والتغني بالقرآن فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم”.

? من الخطأ ؛ مواظبة بعض الأئمَّةِ على دعاءٍ مُعَيَّن في كل قنوتٍ.

ومن ذلك تجدُ أن َّكثيرًا منهم يُلْحِقُ دعاءَ ((اللهمَّ اهْدِنا فيمن هَدَيتَ …)) بدعاء ((اللهمَّ اقسِمْ لنا مِن خَشْيَتِك..)) لا يكادُ يتركُ ذلك ليلةً واحدةً، ولا يختم دعاءَه إلا بقولِه: ((اللهمَّ إنَّا نعوذُ برضاك مِن سَخَطِك، وبمعافاتِك من عقوبَتِك ….)) حتى ظنَّ كثيرٌ من العامَّة-بل من الأخيارِ- أنَّ هذا من السُّنَّة، وهذا البدء والخَتْمُ بهذه الطريقة والمواظبة عليها أوَّلُ مَنِ ابتدأه أحدُ أئمَّة المسجِدِ الحرامِ الفُضَلاء رحمه الله، فتتابَعَ النَّاسُ عليه؛ فالدُّعاءُ الأوَّلُ سَبَقَ الكلامُ عليه، والثاني لم يَصِحَّ مطلقًا أنَّه من أدعية القنوتِ، والثالثُ ثبَتَ من حديثِ عائِشَةَ عند مسلمٍ أنه كان يقوله في سُجودِه؛ فقالت: ((فقدْتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلةً من الفراشِ فالتمَسْتُه فوَقَعَتْ يدي على بَطْنِ قَدَمَيهِ، وهو في المسجِدِ وهما منصوبتانِ)) عند النَّسائيِّ وأبي داودَ والتِّرمذيِّ: ((وهو ساجِدٌ، وهو يقولُ: اللهمَّ أعوذُ بِرِضاك مِن سَخَطِك، وبمعافاتِك من عقوبَتِك، وأعوذُ بك منك لا أُحْصِي ثناءً عليكَ، أنت كما أثنَيْتَ على نَفْسِك)) وورد عند أحمدَ وغيرِه من أصحابِ السُّنَنِ أنَّه كان يقولُه في آخِرِ وِتْرِه؛ ومعلومٌ أنَّ القنوتَ في أوَّلِ الوِتْرِ وليس في آخِرِه، وعند النَّسائيِّ وغيره: (إذا فَرَغَ من صلاتِه وتبوَّأَ مَضْجَعَه)؛ لذلك قال بعضُ العلماءِ في آخِرِ وِتْرِه؛ أي: بعد السلامِ مِنْهُ، واستبعد ابنُ تيميةَ أنَّه كان يقولُه في الوِتْرِ، فقال في الفتاوى (17/91): (وروى الترمذيُّ أنَّه كان يقولُ ذلك في وِتْرِه، لكنْ هذا فيه نظرٌ)، فإذا كانَتِ المواظبةُ على القنوتِ كلَّ ليلةٍ فيها إيهامٌ للعامَّةِ أنَّها السُّنَّة المستقِرَّةُ، مع أنَّ تَرْكَه أحيانًا أفضلُ، فكيف بالمواظَبَةِ على دُعاءٍ مُعَيَّنٍ في أوَّلِه وآخِرِه؟!

? من الخطأ ؛ الاعتداء في ألفاظ الدعاء ومعانيه، وتكثيرها بلا حاجة، وهي كثيرة جداً، مثال ما أخرجه أبوداود عن ابن لسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهما – أنه قال: (سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني اسألك الجنة، ونعيمها، وبهجتها، وكذا، وكذا، وأعوذ بك من النار، وسلاسلها، وأغلالها، وكذا، وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “سيكون قوم يعتدون في الدعاء”، فإياك أن تكون منهم إنك إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر).
قال شيخ الإسلام – رحمه الله: (الدعاء ليس كله جائزاً، بل فيه عدوان محرم، والمشروع لا عدوان فيه، وأن العدوان يكون تارة في كثرة الألفاظ، وتارة في المعاني).

? من الخطأ ؛ تخصيصُ بعضِهم ليلةَ السَّابع أو التاسع والعشرين بدعاءٍ مخصوصٍ ربَّما سَمَّاه البعضُ دعاءَ خَتْمِ القرآنِ.

وهذا مِمَّا أحدَثَه النَّاسُ، وليس عليه في داخِلِ الصَّلاةِ- سواءٌ في القنوتِ أو غيره- دليلٌ صحيحٌ، لا مِن فِعْلِه صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا مِن فِعْلِ أصحابِه رَضِيَ الله عنهم أجمعين.

? من الخطأ ؛ التأمين على موضع من الدعاء ليس محلاً للتأمين، أو قول: سبحانه الله، في موضع ليس محلاً لها، مثال ذلك: إذا قال الإمام: إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت، قال بعض من خلفه: سبحان الله، وكأنه يقول: أنزه الله عن هذا، فسبحان الله!! في غير محلها تغير المراد.
قيل للإمام أحمد – رحمه الله – إذا قال الإمام: (اللهم إنا نستعينك ونستغرفك) يقول من خلفه: آمين؟ قال: يؤمن في موضع التأمين.

أخرج ابن نصر – رحمه الله – عن معاذ القارئ أنه قال في قنوته: اللهم قحط المطر، فقالوا: آمين!! فلما فرغ من صلاته قال: قلت: اللهم قحط المطر، فقلتم: آمين، ألا تسمعون ما أقول، ثم تقولون آمين.

وختامًا: أدعو الأئمَّةَ الذين وَفَّقَهم اللهُ فهَيَّأَ لهم إمامةَ صلاةِ التراويحِ والقيام والتهجد ، أنْ يَقْتَفوا سُنَّةَ نبيِّهم صلَّى الله عليه وسلم حتى نرى المساجِدَ، وقد اكتَظَّتْ بالمُصَلِّين والإمام يدعو لهم بدعاءٍ مأثورٍ لا يُطيلُ فيه ولا يعتدي؛ يدعوه بقراءَتِه المعتادَةِ دون تلحينٍ ولا تطريبٍ ولا تجويدٍ كتجويدِ القرآنِ، وإن تأثَّرَ فبكى وذَرَفَتْ عيناه، كَتَمَ بُكاءه أو أخفاه فغَلَبَه حتى خَرَجَ منه كأزيزِ المِرْجَل؛ بلا نحيبٍ ولا شهيقٍ، لا يكادُ يشعرُ به إلَّا القريبونَ منه، كما أدعوهم ألَّا يَغْفُلوا عن الدُّعاءِ على الكَفَرَةِ من أهل الكتابِ وأن ينصُرَ اللهُ المسلمينَ عليهم، وخاصَّةً في النِّصْفِ الأخيرِ مِن رَمَضانَ؛ كما ثَبَتَ عن الصَّحابةِ في عَهْدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعين.

 

 

____________________

المصادر :

– فتاوى رمضان ونوازل الصيام والاعتكاف والقيام – دار الصفوة بالقاهرة
– كتابات د. محمد بن فهد الفريح – عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
– شبكة الألوكة – http://www.alukah.net
– فتاوى الشبكة الإسلامية
– فتاوى الإسلام سؤال وجواب
– الشيخ – علوي بن عبد القادر السَّقَّاف – شبكة الدُرر السنية dorar.net

Share
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error:
إغلاق
إغلاق