نبضات حرف وبوح روح

ممثل بارع !!

Share

ممثل بارع

Theater-acting-7007404-1200-954

لا تحزن على من تغيَّر عليك فجأة، فقد يكون اعتزل التمثيل، وعاد إلى شخصيته الحقيقية (سقراط).

وجدت الأم بنتها الصغيرة ملطخة اليد بأحمر الشفاه “الروج” فضربتها، ثم خرجت لتجد مكتوبًا على الباب “أحبك ماما”!

رجعت الأم لتضرب ابنتها مرة أخرى لماذا تشوه الباب؟!

لم تكن مشاعر الأم الحقيقية هي التي أقدمت على تجاهل تعابير الحب، بل هو الدور التمثيلي التربوي.

كلما كان الإنسان عفويًّا بعيدًا عن التكلف كان أكثر محاكاة لذاته.

عشرات الفنانين الكوميديين يخفون حالات اكتئاب حادة وينتهون بالانتحار.

مَن يمثل دور السعيد المبتسم قد يخفي خلف أسنانه البيضاء اللامعة الكثير من التعاسة.

في العلاقات الرومانسية بين خطيب وخطيبته يتحقق دور تمثيلي لجذب الانتباه.

أؤدي الدور الذي تريده لتؤدي الدور الذي أريده.

شخص يشعرني بأنني مميز ومستحق للحب ويلبي احتياجاتي، وسوف أؤدي الدور الذي يطلبه مني.

اتفاق غير معلن، وغير واعٍ في أحيان كثيرة، يقود إلى قرارات غير مدروسة.

الوقوع في الحب غالبًا لا يخلو من وهم سببه تكثيف “الأنا” وحاجتها.

دور العاشق والمعشوق يصنع علاقات كثيرة بين الشباب والفتيات، تقدم القليل من المتعة الحاضرة والكثير من الأسف والألم والصدمة.

على النقيض قد نمارس تمثيل “النسيان”، ونحاول أن نسلو، ومع أول مشاهدة أثر أو سماع اسم أو نفثة عطر تستيقظ المشاعر المدفونة.

وَداعٍ دَعا إِذ نَحنُ بِالخَيفِ مِن مِنى … فَهَيَّـــــجَ لَوعاتِ الفُؤادِ وَما يَدري

دَعا بِاِسمِ لَيلى غَيرَها فَكَأَنَّمــــــا … أَطارَ بِلَيلى طائِرًا كانَ في صَدري

كثير من الأطفال يخفون غضبهم من والديهم، لأنهم يفتقدون الدفء في العاطفة وشحنات الحب.

الطفل يريد أن يكون والداه كائنين عفويين، وليس مجرد “ممثلين”، حتى لو كان التمثيل بارعًا.

قد تعمل أشياء كثيرة من أجل طفلك، وهذا جيد، ولكنه ليس كافيًا إذا أهملت من تكون أنت؟ ومن يكون هو؟

ليس حسناً أن تكون الرسالة لأولادك: “لأني أبوكم.. لأني مثالي وجيد.. عليكم أن تكونوا وتكونوا!”.

لماذا يقضي بعضنا عمره يلعن السجائر، وعلبة السجائر في جيبه؟

ولماذا نظل ننتقد الأجهزة الحديثة وهيمنتها، بينما نحن نحتضنها؟

تمثيل دور المحارب والمجادل عن الحقيقة، بينما الدافع هو تحقيق معنى “أنا موجود”.

كثيرون يدقِّقون في نوايا الناس والخصوم، ولكنهم يرفضون التشكيك في نواياهم، أو مراجعة مقاصدهم.

المعارك تكرس الأنا، ذلك السبع الرابض المختفي وراء بعض تصرفاتنا الشرعية والأخلاقية التي قد نظن فيها الإخلاص, وننسى ما هو كامن في اللاوعي، اللاشعور، من الشهوة الخفية، كما يسمِّيها شدَّاد بن أوس رضي الله عنه.

يبدو الليبرالي الشهير شخصية ديمقراطية حوارية حين تهب الرياح لصالحه، ويبدو شرساً داعياً إلى الفوضى والتدخل الأجنبي أو العسكري حين تضعف حظوظه.

كما يبدو الإسلامي حقوقيًّا معتدلًا في العديد من الحالات، ولكنه يخفق في أول اختبار حين تتعارض القيم مع المصالح الفردية أو الفئوية.

ندّعي أن الخلاف لا يفسد للود قضية، بينما نتداعى إلى الصواريخ العابرة عند أول بادرة اختلاف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

د.سلمان العودة

Share
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error:
إغلاق
إغلاق