طوّر ذاتـك

مفاتيح التميز (5) المفتاح الثالث: التغيير … الواقع الحقيقي للحياة

Share

مفاتيح التميز (5) المفتاح الثالث: التغيير … الواقع الحقيقي للحياة


(أصعب نضال على الإطلاق هو أن تناضل لتكون مختلفًا عن الإنسان العادي)
تشارلز إم. شوب


منطقة الراحة والتبلد:


التغيير هو الحقيقة الواقعة للحياة، لذلك فإنه باق ومستمر، التغيير هو السبيل للنمو والتقدم والوصول إلى آفاق جديدة، وهو الذي ساعد المؤسسات على الإستمرار، وهو المفتاح الذي به تحقق النجاحات والمكاسب فإذا كان التغيير على هذه الدرجة من الأهمية والفاعلية، فلماذا إذًا لا يرحب به الكثير من الناس؟ لماذا يقابل المدراء التغيير بنوع من السلبية، وإتخاذ مواقف دفاعية ضده؟


الإجابة على هذه التساؤلات، تكمن في الخوف، الخوف من المجهول، من الفشل، ومن المغامرة، فإن طبيعتنا البشرية تجعلنا نحب الإستقرار، والسكينة، والأمان.


فبعض الناس قد يرحبون بالتغيير، لكن الغالبية العظمى منهم يقاومونه بشدة؛ لأنه يخرجهم من منطقة الراحة والتبلد، فهؤلاء الناس قد استمروا في القيام بأعمال معينة بنفس الطريقة، ولفترة طويلة، لذلك فهم يشعرون بقلق في مواجهة التغيير؛ لأنه يضطرهم للخروج من منطقة الراحة والتبلد، وخوض مغامرة، وهم يفضلون أن تستمر حياتهم، وعملهم على وتيرة واحدة مهما طال بهم العمر، لذلك فقد يفعلون أي شيء يجنبهم مواجهة التغيير والإقدام على أي نوع من المخاطرة.


التغيير … لماذا؟


التغيير باق، ودائم سواء رغبنا في ذلك، أو لم نرغب، فإذا نظرت حولك ستلاحظ أن كل شيء يتغير، ويتغير بإستمرار ، ففي الطبيعة تتغير الفصول، ويتغير الجو.

انظر إلى نفسك، تجد أن عمرك يتغير، ذوقك يتغير، حتى حاجاتك ورغباتك تتغير، وظيفتك ومنصبك قد تحققوا بسبب التغيير.


لاحظ التغيرات التكنولوجية، التي حدثت في مجال عملك، فلديك الآن تليفونًا أكثر تعقيدًا، فاكس، آلة تصوير مستندات، وأجهزة كمبيوتر، وفي مجال الطب، تجد أن طرقًا جديدة للعلاج تُكتشف كل يوم، لذلك أصبح التغيير مهمًا لإستمرارنا في الحياة.


وكما تعلم أنه إذا كان هناك فرق جوهري يميز المدراء المتميزين عن غيرهم، فهو مهارة إتقان التغيير، فالمدير الناجح هو ذلك الذي يبدأ بالتغيير ولا يتجنبه، أو يحاول أن يتكيف معه إذا واجهه، لقد خرج اليابانيون مهزومين من الحرب، وأصبح لهم الآن السبق في مجالات كثيرة.
فنحن الآن عصر التكنولوجيا، ويتحتم علينا أن نلحق بركب التقدم، لذلك نحتاج لأن نكون أسرع وأكثر مرونة لكي نتكيف مع كل الظروف التي تجد في سوق العمل، فعلينا أن نخاطر، وأن نتعلم من خبراتنا السابقة، ومن هؤلاء الذين سبقونا، ونحاول أن نعدل في أهدافنا بإستمرار حتى نصل إلى النتائج المأمولة، والمنشودة، فيقول روبرت جورفيتا الرئيس التنفيذي لشركة كوكاكولا: (ربما تفشل إذا خاطرت، ولكن من الأكيد أنك ستفشل إذا لم تخاطر، وأعظم مخاطرة هي ألا تفعل شيئًا).


وهدفنا الآن ـ عزيزي القاريء ـ أن نتزود بالمهارات الفعّالة، التي تمكنّا من التغيير، والتأقلم معه، والتي تساعدنا على أن نتقن فنونه، كما أنه يعرفنا بالأساليب التي بها نبدأ إحداث التغيير، فكلما عرفنا المزيد عن التغيير، تقبلناه أكثر، ويمكننا تحقيق المزيد من النجاح والإبداع، ولكن لكي نتقن التغيير لابد أن نعرف لماذا يكره المدراء التغيير؟


الأسباب الخمسة التي تجعل المدراء يكرهون التغيير:


ولكي نكون أكثر تحديدًا ودقة، أقدم لك خمسة أسباب شائعة تجعل المدراء يتجنبوا التغيير:


1. الشك:


فالمدير دائمًا ما يتوقع الخسارة التي قد تنجم عن حدوث التغيير، وهو دائمًا يردد (لا جدوى من ذلك) أو (لقد جربنا ذلك من قبل)، ولكي يجعل من حوله يشعرون بنفس شعوره، نجده يذكر الأسباب التي سوف تجعل التغيير يؤدي إلى الفشل، لقد كان شكسبير محقًا حينما قال: (أن شكوكنا تخوفنا، وتجعلنا نخسر الأشياء التي كان بإمكاننا أن نكسبها، لو لم نخشى الإقدام على المحاولة).


2. المخاطرة:


(لا يقاس النجاح بالمنزلة التي وصل إليها الإنسان في الحياة، ولكن بالعقبات التي يجب عليه تجاوزها بينما يحاول تحقيق النجاح)

بوكر تي. واشنطن


نجد أن المدير يركز اهتمامه على ما يفقده من وقت ومال لإحداث التغيير، فمثلًا قد يحسب أنه لإنشاء ثلاث مناطق جديدة، سوف يحتاج إلى 3 أشخاص، تكلفة كل واحد منهم 25 ألف ريال سنويًا، هذا مع إمكانية أن يحقق كل منهم 15000 ريال.


فقد يفكر المدير في المخاطر، التي تكمن في إنفاق هذا المبلغ من المال، وليس في المخاطرة بعدم الإنفاق، وكما قال جون كيندي: (إن أي برنامج عمل ينطوي على الكثير من المخاطرة والتكلفة، لكنها أقل بكثير عما قد ينجم عن الأعمال المريحة الآمنة من سلسلة الأخطار، والتكاليف طويلة المدى).


3. التعود:


(ليس هناك ما هو أقوى من العادة)

أوفيد


في محيط العمل قد تسمع من يقول: أننا نتبع طريقة معينة في العمل هنا، ولا يمكننا تغييرها، أو مثلًا أننا نعمل بنفس الطريقة لمدة 20 عامًا، فكيف تريدنا أن نغيرها الآن؟، أو أن الكمبيوتر وُجد للكسالى، أما نحن فنستطيع أن نؤدي عملنا وننجزه دون الحاجة إلى الكمبيوتر.


4. الخوف:


(من يعيش في خوف لن يكون حرًا أبدًا)

هوراس


إن الخوف شعور طبيعي، وقد يكون مفيدًا في بعض الأحيان، لكن إذا أصبح الخوف عائقًا أمام استغلال قدراتنا، فإن علينا مواجهته والإنتصار عليه، فشعور المدير بالخوف قد يمنعه من قبول التغيير، ويجعله يفعل أي شيء لإيقافه، فهو لن يشتري آلة جديدة، ويقوم بأي تغيير إلا إذا كان من أجل أن يتجنب أي خسارة.

5. الرفض الإجتماعي:


من أهم أسباب عدم رغبة بعض المدراء في إجراء التغيير، هو قلقه من أن يبدو سخيفًا مضحكًا أمام الآخرين، وأن يتعرض لرفض المجموعة، ومن ثم فإنه يبحث عن التأييد من الجميع، حتى يقوم بتنفيذ التغيير.


يتركز انتباه هذا النوع من المدراء على اعتقاد الناس فيه، فإذا ما لاحظ شخصين يتحدثان معًا، فإنه يعتقد على الفور أنهما يتحدثان عنه وعن مدى سخافته.


هل تتذكر اسم أشهر آلة لعد النقود، والتي كانت سائدة الاستخدام في فترة الستينيات والسبعينيات؟ إذا أجبت بأنها (NCR) فأنت محق تمامًا، لكنها لم تعد في مركز الصدارة الآن، هل تعرف السبب؟ هذا لأن القائمين عليها رفضوا التغييرات التكنولوجية التي حدثت في مجال الآت عدْ النقود إلكترونيًا، فاستطاعت شركة أخرى أن تقفز إلى السوق، وتحتل المركز الأول.


والآن … ماذا بعد الكلام؟

أقدم لك خمس خطوات يجب أن تتبعها، حتى تستطيع أن تتقبل التغيير وترحب به:


1. اجعل التغيير قاعدة أساسية في حياتك وحياة الآخرين:


حاول أن تتحدث عن التغيير بصورة مستمرة ويومية، ارسل ملاحظاتك إلى فريقك لتحثهم على الإبداع، انشر جريدة إخبارية كل أسبوع، أو كل شهر بكل الأخبار الجديدة.


بهذه الطريقة تستطيع أن تجعل مرؤوسيك يتقبلوا التغيير، وتعلمهم كيف يتكيفون معه.


وبالتالي، فعندما يحدث التغيير فعلًا، سوف يشعرون أنه أمر عادي، وعملية طبيعية، مما يجنبك أن تفاجأ بأن كل أعضاء فريقك يشعرون بقلق من مواجهة التغيير.


2. امنح فريقك شعورًا بالحرية:


لا تجعل نفسك محاصرًا، أو مقيدًا بسياسات معقدة، وإجراءات طويلة، بل دع مرؤوسيك يقومون بالتعديلات الملحة، ويقومون بتغيير ما يرونه ضروريًا.

3. انقل مرؤوسيك بين الأقسام المختلفة بناءًا على قاعدة منظمة:


عندما يعين شخص ما، فإن معدل إنتاجيته تكون بنسبة 60% في السنة الأولى، ويرتفع إلى 70% في السنة الثانية، ثم إلى ما بين 80% و85% في السنة الثالثة.


تنخفض هذه النسبة إلى 30% فقط بعد عشر سنوات، وذلك يتفق مع قاعدة (بيتر) التي تنص على أن الإنسان يصل إلى مستوى عدم الكفاءة، والطريقة التي بها يمكن أن نتغلب بها على ذلك، وتزيد في نسبة إنتاجيته، هي أن نقوم بنقله بين أقسام العمل المختلفة.


4. غيّر أماكن الأشياء من حولك:


من وقت إلى آخر، انقل مكان الملفات إلى مكان مختلف، غيّر نظام أثاث حجرة مكتبك، غير شكل ملحوظاتك واجعلها تأخذ شكلًا مختلفًا، فأبسط تغيير يمكنه أن يُحدث اختلافًا كبيرًا.


5. اجعل اجتماعك يأخذ شكلًا جديدًا:


دعْ أحد مرؤوسيك مثلًا يبدأ الإجتماع، أو حدد مكانًا جديدًا لعقد الإجتماع، وهكذا.


وأخيرًا:


تذكر ما قاله بريان تراسي: (أنت دائمًا حر لتختار ما تفعله بحياتك، فاتخذ اختيارات جديدة اليوم، لكي تصنع تغييرات في مستقبلك)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ الجزء السادس من سلسلة مفاتيح التميز.

 

__________

فريد منّاع

Share
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error:
إغلاق
إغلاق