أماكن إسلامية مُقدسة

الكعبة المُشرفة (ج1): وصف الكعبة من الداخل والخارج

Share

 وصف الكعبة من الداخل والخارج

شرفٌ لى ان أعرض لكم على موقعي Aymanweb.com وصفاً لبناء البيت العتيق كعبة المسلمين , تاريخها وأجزاءها , آثرت بأن ابدأ فى الموضوع الأول بوصفها لكم من الداخل والخارج لتعلق فؤادي وغرامي بها

وبإذن الله تعالى , سأعرض لكم في موضوعات أخرى تاريخ بناءها وترميمها وكل ما يتعلق بالكعبة المُشرفة بمعلومات موثقة…

وصف الكعبة من الخارج

أولاً : الشاذروان

شاذوران الكعبة هو تلك الحجارة الملاصقة للكعبة والتي يبرز من عليها البناء ؛ وهو البناء المحيط بالكعبة من أسفلها من فوق أرض المطاف من جهاتها الثلاثة : الشرقية والغربية والجنوبية ، وهو بناء مسنم بأحجار الرخام والمرمر ؛ فهو

ما نقصته قريش من عرض جدار أساس الكعبة حتى ظهر علي الأرض كما هو عادة الناس في الأبنية ،

وهو يحيط الكعبة من جهات ثلاثة دون الرابع ، فالشاذوران يحيط بالكعبة من جهاتها الشرقية والغربية والجنوبية ، أما الجهة الشمالية فلا شاذوران بها ، لأن تلك الحجارة البارزة من شمال البناء ، فهي من البيت ، وهي المسافة التي انتقصتها قريش من البيت حين قصرت بهم النفقة الحلال عند بناءهم للبيت علي عهد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ، وهي ذاتها الحجارة التي رد الحجاج بن يوسف الثقفي البيت من فوقها منتقصاً من بناء عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ من البيت عناداً . ويذكر الفاسي أن بعض حجارة الجانب الشرقي من الكعبة لا بناء عليها  وهي شاذوران أيضاً .

و قال النووي : شاذوران الكعبة ، بناء لطيف جداً ملصق بحائط الكعبة ، وارتفاعه عن الأرض في بعض المواضع نحو الشبرين ، وفي بعضها نحو شبر ونصف ، وعرضها في بعضها نحو شبرين ونصف ، وفي بعضها شبر ونصف “.

ويذكر الأزرقي أن ارتفاع الشاذوران من الأرض ستة عشر أصبعاً( (حوالي 32سنتيمتر) . وقد قام إبراهيم رفعت بعد الحلقات النحاسية التي بالشاذوران التي تربط فيها الكسوة ؛ فوجدها : 8 حلقات في الجهة الشرقية ، و 14 في الجهة الشمالية ، و14 في الجهة الغربية ، و 12 في الجنوبية.

وعرض الشاذوران من الجهة الجنوبية أربعة أقدام وبوصتين ( 1.39 متر ) ، وعرضه من الجهة الغربية أربعة أقدام ( 1.22 متر ) ، وعرضه من الجهة الشمالية ثلاثة أقدام ( 81.44 سنتيمتر ) ، وعرضه من الجهة الشرقية ثلاثة أقدام ( 81.44 سنتيمتر ) .

ويذكر إبراهيم رفعت أبعاد الشاذوران بدقة تفصيلية تميز بها ، فكانت :

1. ارتفاع الشاذوران :

أ‌)  من الجهة الشرقية : 22 سنتيمتر .

ب‌)  من الجهة الشامية : 50 سنتيمتر .

ت‌)  من الجهة الغربية : 27 سنتيمتر .

ث‌)  من الجهة اليمانية : 24 سنتيمتر .

2. عرض الشاذوران :

ج‌)    من الجهة الشرقية : 77 سنتيمتر .

ح‌)    من الجهة الشامية : 39 سنتيمتر .

خ‌)    من الجهة الغربية : 80 سنتيمتر .

د‌)      من الجهة اليمانية : 87 سنتيمتر .

ثانياً : الباب والقفل

كان البناء الأول للكبعة المثبت بنص القرآن الكريم والروايات التاريخية ؛ بناء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ؛ به بابين ، فقد جعل “ لها إبراهيم خليل الرحمن بابين ملاصقين للأرض أحدهما : من الجهة الشرقية مما يلي الحجر الأسود ، والثاني : من الجهة الغربية مما يلي الركن اليماني علي سمت الباب الشرقي ، وكانا غير مبوبين . “ ، لكن البناء الذي عرفناه علي عهد قريش كان به باباً واحداً ، ويبدو أن هذا التغيير ؛ من بابين إلي باب واحد ؛ قد حدث في عهد إعادة بناء جرهم للبيت ، فعلي ما يذكر الفاسي نقلاً عن المسعودي ، فإن الحارث بن مضاض عندما أعاد بناء الكعبة في العصر الجرهمي ، وزاد من ارتفاعه عما كان عليه في بناء إبراهيم عليه السلام(، ويبدو أن هذا التغيير من جعل الباب واحداً قد حدث في هذا البناء ، فقد ذكر الأزرقي في صفة البيت قبل إعادة بناء قريش له علي عهد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ، ما نصه : “ كانت الكعبة مبنية برضم يابس وليس بمدر وكان بابها بالأرض ولم يكن لها سقف وإنما تدلي الكسوة علي الجدر من خارج وتربط من أعلا الجدر من بطنها وكان في بطن الكعبة عن يمين من دخلها جب يكون فيه ما يهدى إلي الكعبة من مال وحلية كهيئة الخزانة …… ولم تزل كذلك حتى بنت قريش الكعبة “ . كما يذكر ابن حجر في “فتح الباري بشرح صحيح البخاري” أن الكعبة في الجاهلية كانت مبنية بالرضم ، وكان لها ركنان علي مثل هذا الرسم :

 

وقد أختلفت الروايات التاريخية في رصد أول من جعل للكعبة باباً ؛ فقد قيل أن أول من جعل لها باباً هو أنوش بن شيث بن آدم ، وهي رواية مرفوضة . وقيل أن أول من عمل للباب مصرعين وقفل هم جرهم ، في إعادتهم للبناء وما استحدثوا فيه ، وقد رفض الفاسي هذه الرواية ونقدها. وأول من عمل باباً ومفتاحاً للكعبة هو تبع اليمني علي ما روي ابن إسحاق في سيرة ابن هشام ، وأكده الفاسي نقلاً عن الأزرقي والفاكهي وغيرهم . وفي زمان قريش جعلوا لها باباً بمصرعين ، وزادوا بأن رفعوا الباب عن الأرض ، وذكره الأزرقي فيما أخبره به محمد بن يحي عن الواقدي : “ كان باب الكعبة علي عهد إبراهيم وجرهم بالأرض حتى بنتها قريش ، قال أبو حذيفة بن المغيرة : يا معشر قريش ارفعوا باب الكعبة حتى لا يدخل عليكم إلا بسلم فإنه لا يدخل إلا من أردتم ، فإن جاء أحد ممن تكرهون رميتم به فيسقط فكان نكالاً لمن رآه ففعلت قريش ذلك وردموا الردم الأعلى وصرفوا السيل عن الكعبة

وباب الكعبة هذا موجود بالجدار الشرقي للكعبة ؛ مرتفعاً علي أحجار المدماك الثالث . وكان أبو كرب بن أسعد الحميري قد جل الباب بمصراع واحد وجعل له قفل ، ثم جعله قصي بن كلاب بمصرعين لتسهيل استعماله، ويقول ابن فهد في “إتحاف الورى” :

إن الباب الذي كان علي الكعبة قبل بناء ابن الزبير بمصراعين ، طوله أحد عشر ذراعاً من الأرض إلي منتهى أعلاه . قال ابن جريح : وكان الباب الذي عمله ابن الزبير أحد عشر ذراعاً ، فلما كان الحجاج عمل لها باباً طوله ستة أذرع وشبراً “ .

وكان الباب الذي عمله عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ سنة 64 هـ / 683 م ؛ له مصراعين وقفلاً ومفتاحاً من الذهب؛ أما الحجاج بن يوسف الثقفي فقد غير مصرعي الباب وقصره ، لأنه رفع الباب عن الأرض . ومن أبرز ما ذكره المقدسي في وصفه لباب الكعبة ، أنه يرتفع عن الأرض مقدار قامة رجل ، وأنه ذو مصرعين ، وأنه ملبس بصفائح الفضة المطلية بالذهب.

وقد جدد باب الكعبة أكثر من مرة علي أيدي الخلفاء والملوك والسلاطين ؛ فقد جدده الخليفة الأمين العباسي سنة 194 هـ ، حيث أرسل عاملاً له بثمانية عشر ألف ديناراً إلي عامله علي مكة ، ليصنع بها صفائح ذهبية علي باب الكعبة ، ففعلوا ما أمر به الخليفة الأمين علي الباب وجطلو الحلقتين والإطار والعتبة بالذهب . وفي سنة 219 هـ ؛ بعث الخليفة المعتصم بالله بقفل فيه ألف دينار ليستبدل بالقفل القديم . وفي سنة 550 هـ ؛ صنع الوزير جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور المعروف بالجواد باباً كتب عليه اسم الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله ، وركب هذا الباب سنة 551 هـ. وفي رواية أخري أن الذي صنع هذا الباب كان الخليفة المقتفي لأمر الله ، صنعه بنفسه بالنقرة الذهبة ، وجعل من الباب القديم تابوتاً يدفن فيه حين موته ، وأن ذلك كان سنة 552 ه.

ويبدو أن الأبواب التي صنعت للكعبة كانت كثيرة ، كما أن تجديدات الأبواب كانت كثيرة أيضاً ؛ ومن جملتها ما ذكر في “شفاء الغرام” :

ومنها باب عمله الملك المظفر صاحب اليمن وكان عليه أن صفايح فضة زنتها ستون رطلاً وصارت لبني شيبة ، ومنها باب عمله الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر وركب علي الكعبة بعد قلع باب المللك المظفر في الثامن عشر من ذي القعدة سنة ثلاثة وثلاثين وسبعمائة وكان عليه من الفضة خمسة وثلاثون ألف درهم وثلاثمائة درهم “ .

ويكمل الفاسي سرده لجملة الأبواب التي صنعت للكعبة ؛ فيقول :

ومنها باب عمل في سلطنة ولده الناصر حسن وذلك في سنة إحدى وستين وسبعمائة وهو من خشب الساج عمل بمكة واستمر في الكعبة إلي تاريخه إلا أنه في سنة ست وسبعين وسبعمائة قلع منها لعمل الحلية التي هي فيه الآن وعوض عنه بباب قديم كان للكعبة “.

ثم أعيد الباب بعد تحليته ، ويظن الفاسي أنه قد حلي مرة أخري ؛ في سنة 781 هـ . ويذكر قطب الدين النهروالي في “الإعلام” :

وقد أدركنا الباب الشريف مصفحاً بالفضة ، وكان يختلس من فضته أوقات الغفلة من قل دينه وخفت يده ، إلي أن انكشف أسفل الباب الشريف عن خشب الباب ، ومسك مراراً من يفعل ذلك وحبسوا وبهدلوا ، فعرض ذلك علي السلطان سليمان خان في سنة 961 هـ ، فأمر السلطان بتصفيح الباب الشريف بالفضة ، وعهد ذلك إلي ناظر الحرم الشريف المكي أحمد جلبي ، فأخرجوا جميع فضة الباب وزادوا عليها فضة وجعلت صفايح ، وصفح بها باب الكعبة ، وسمرت الصفايح بمسامير الفضة وأعيدت ، وصفح بالفضة المموة بالذهب “.

ثم أن الباب الذي عمله محمد بن قلاوون قلع سنة 953 هـ بأمر السلطان سليمان القانوني وحلي بحلية أكثر مما ذكر قطب الدين، ويبدو أن السلطان سليمان قد أمر بصنع قفل ومفتاح للباب في وقت متأخر عن وقت تحليته التي ذكرها با سلامة ، ويوجد هذا القفل ومفتاحه في مجموعة مقتنيات متحف طوب قاي باستانبول ، والقفل طوله 60.5 سنتيمتر ، وعرضه 10 سنتيمتر ، وهو مغطي بالفضة المطلية بالذهب ، وهو خالي تقريباً من الزخارف ، إلا في الجزء المسمى بمرآة القفل التي تتزين بكتابات بارزة ، أما المفتاح فطوله 38 سنتيمتر ، وهو مصنوع من الفضة المطلية بالذهب ، ورأسه كمثرية الشكل متحركة حول نفسها ، ونهاية المفتاح بها أربعة فصوص لوظيفة الفتح والغلق.

وفي سنة 1045 هـ / 1635 م استبدل السلطان مراد خان ابن السلطان أحمد الباب القديم بأخر له مصراعين وعليه لوحتان فضيتان بعرض وطول مصراعي الباب ، وعليهما زخارف ذهبية ، بلغت تكلفة صناعة الباب والعتبة وحلقة الباب ما جملته 37095 درهماً من الفضة ، وقد كتب علي اللوحتي الفضة اللتين علي المصرعين : { وقل رب أدخلني مدخل صدقٍ وأخرجني مخرج صدق وأجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً } ، وكتب تحت نص الآية ثبتٌ تذكاري بصانع الباب ، نصه : “ تشرف بتجديد هذا الباب من سيقت له العناية من رب الهداية مولانا السلطان مراد خان ابن السلطان أحمد خان ابن السلطان سليمان خان ابن عثمان عز نصره في سنة خمس وأربعين وألف “ .

ولم يكن الباب الذي صنعه السلطان مراد خان هو الباب الأخير للكعبة المشرفة ؛ ففي العهد السعودي ، في العصر الحديث صنع الملك عبد العزيز آل سعود باباً للكعبة سنة 1363 هـ / 1944 م صنعه من الألوميوم سمكه 205 سنتيمتر ، وارتفاعه 3.10 متر ، ومدعم بقضبان حديدية ، ومغطي بألواح من الفضة المطلية بالذهب ، ومزين بأسماء الله الحسني .

ثم أمر الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود بصنع باب من الذهب الخالص ؛ في سنة 1397 هـ / 1976 م ؛ وقد نفذ الباب مع مراعاة الشكل الزخرفي علي الطراز الإسلامي الأصيل مع الحفاظ علي الشكل المعهود للباب ، واستخدم خط الثلث في كتابة الآيات القرآنية علي الباب ، وقد تمت الزخرفة بالحفر والنقش علي الذهب مع استخدام قليلٌ من الفضة ، وكتب بخط صغير “ صنع هذا الباب في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود سنة 1399 هـ ” ، والباب من تصميم منير الجندي ، ووضع خطوطه عبد الرحيم أمين ، وصنعه أحمد إبراهيم .

وقد تمدنا مجمووعة المفاتيح والأقفال المحفوظة في متحف طوب قاي في إستانبول ، بصورة أو بأخري عن إهتمام الملوك والسلاطين بأمر باب البيت العتيق ، لكن قبل الخوض في تفاصيل المعلومات التاريخية التي تقدمها لنا مجموعات الأقفال والمفاتيح ؛ التي تعد قطعاً فنية في ذاتها ؛ نسرد ملخصاً وجيزاً للخصائص الفنية التي تميزت بها مجموعات هذه الأقفال والمفاتيح .

فمن الخصائص الفنية التي تحملها مجموعة المفاتيح الخاصة بالعصر المملوكي ، نجد أن “ صنع المفاتيح قد جرى وفق الأساليب التقليدية السابقة بوجه عام مع بعض الاختلافات في المقاسات والزخارف . إذ حظيت هذه المفاتيح بعناية أكبر في صناعتها ، بالمقارنة مع مفاتيح العصر العباسي ، ويتجلي ذلك بصفة خاصة في الزخارف الكتابية ، وفي طريقة التكفيت بالفضة مما يكشف لنا عن المهارة الفائقة في تنفيذ الخطوط والحروف ( ؛ ونجد أن “ وجود عدد من فقرات دوارة في رقباتها مما يتيح نوعاً من الإستطالة في ذلك الجزء من المفتاح . وقد زينت كل جوانب الأجزاء المكعبة بالكتابات ، وأغلبها مقتبس من القرآن الكريم ، إلا أن بعضها لم تستكمل فيه كتابة الآية . كما نجد في بعض الأحيان اسم صانع المفتاح واسم الخليفة الذي أمر بصنعه وتاريخ الصناعة “.

أما مجموعة الأقفال والمفاتيح الخاصة بالعصر العثماني ؛ فإنها تتميز بأن أقفالها تثبت علي مصراعي الباب ، وتتميز بثقل وزنها ، رغم صناعتها من الفصة ، وأن الوزن قد يكتب أحياناً علي بعضها ، كما أن الزينات التي تتحلي بها الأقفال أو المفاتيح شديدة الوضوح ، وأنها قد نفذت بطريقة الحفر البارز ، وبها زخارف نباتية ومراوح تخيلية إلي جانب الأزهار والورود.

أما مجموعة الأقفال والمفاتيح ، فمنها :

  1. مفتاح للخليفة الناصر العباسي :مصنوع من البرونز ، وعليه كتابات مكفتة بالفضة ، وطوله حوالي 28.5 سنتيمتر ، ويعود إلي سنة 577 هـ / 1181 م ، وقد كتب علي أحد وجهيه : “ هذا ما عمل لبيت الله الحرام في أيام مولانا الإمام المقتدي علي سائر الأنام أبو جعفر المستنصر ” .
  2. مفتاح للخليفة المستنصر بالله العباسي :مصنوع من النحاس الأصفر وعليه كتابات وزخارف مكفتة بالفضة ، بعض هذه الكتابات عمل بالحفر الغائر ، وطوله 28 سنتيمتر ، ويعود إلي سنة 622 هـ / 1225 م ، وكتب علي أحد وجهيه : “ هذا مما عمل لبيت الله الحرام في سنة اثنين وعشرين وستمائة شهر رجب . أدام الله نصر مولانا الإمام المفترض الطاعة علي سائر الأنام ، المستنصر بالله أمير المؤمنين عز الله نصره ” .
  3. مفتاح أخر للخليفة المستنصر بالله العباسي : مصنوع من النحاس الأصفر ومكفت بالفضة ، وطوله 27.5 سنتيمتر ، ويعود تاريخه إلي سنة 659 ـ 660 هـ / 1261 م .
  4. مفتاح للسلطان الناصر حسن المملوكي : مصنوع من النحاس الأصفر ومكفت بالفضة ، طوله 32 سنتيمتر ، ويعود إلي سنة 755 هـ / 1354 م ، وهو يننسب إلي السلطان الناصر : ناصر الدين الحسن المملوكي .
  5. مفتاح للسلطان برقوق : مصنوع من البرونز ومكفت بالفضة ، وتشغل الكتابات كافة أجزاءه ، ويلاحظ أن عروته مصنةعة من النحاس الأصفر قد ركبت له فيما بعد ، وطوله 34 سنتيمتر ، ويعود تاريخ صنعه إلي 795 هـ / 1392 م .
  6. قفل للسلطان برقوق : مصنوع من الحديد ومكفت بالذهب ، وكل جوانبه مزينة بالكتابات ، أما الإطارات التي تحيط بالكتابة فمصنوعة من الفضة ، وطوله 50 سنتيمتر ، ويعود تاريخه إلي سنة 804 هـ / 1401 ـ 1402 م ، وهناك أختلاف ملحوظ في أسلوب كتابة الخط بين الكتابات وكتابة التاريخ ، ولعل السبب في ذلك أن القفل صنع في وقت مبكر عن كتابة التاريخ .
  7. قفل للسلطان سليم الثاني : مصنوع من الحديد المغلف بالفضة والمطلي بالذهب ، ليس به زخارف ، وطوله 58.5 سنتيمتر ، وعرضه 10 سنتيمتر ، ويعود صنعه إلي سنة 978 هـ / 1570 م .
  8. قفل للسلطان مراد الثالث : مصنوع من الفضة المطلية بالذهب ، توجد زخرفة علي الأجزاء المسماة بالمرآة والبدن والعروسة ، وهي عبارة عن كتابات ، وطوله 62 سنتيمتر ، وعرضه 16 سنتيمتر ، يعود إلي سنة 996 هـ / 1587 م .
  9. قفل للسلطان محمد الثالث : مصنوع من الفضة المطلية بالذهب ، مليء بالزخارف والنقوش الكتابية ، وطوله 58 سنتيمتر ، وعرضه 16.5 سنتيمتر ، ويعود إلي سنة 1008 هـ / 1599 ـ 1600 م .

ثالثاً : الحجر الأسود

هو ذلك الحجر الذي وضع في الركن الشرقي من الكعبة ليكون دلياً يبتدئ من عنده الطواف ، وهو يرتفع عن الأرض حوالي متر ونصف ويوجد داخل طوق سميك من الفضة ، وكتب التاريخ والتفاسير مليئة بالأخبار عن أصل هذا الحجر ، وما تعرض له من أحداث .

فالفاسي يروي عن ابن عباس نقلاً عن الأزرقي أن الله أنزل الحجر الأسود مع آدم ليلة نزل ليستأنس به . كما يروي الفاكهي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : “ أنزل الحجر ملك من الجنة “ ، دون أن يحدد الملاك بأنه جبريل عليه السلام كما في الكثير من الأخبار الأخرى ، ويذكر ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى { قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً }، “ فهبطوا ونزل آدم بالهند ونزل معه الحجر الأسود “ . ولدينا من الروايات والأخبار ما يروي أن الحجر قد جاء به جبريل عليه السلام لإبراهيم عند إتمام رفع القواعد ، منها ما ذكره ابن كثير في تفسيره : “ فبنى إبراهيم وبقي الحجر فذهب الغلام يبغي شيئا فقال إبراهيم أبغني حجراً كما آمرك قال فانطلق الغلام يلتمس له حجرا فأتاه به فوجده قد ركب الحجر الأسود في مكانه فقال يا أبت من أتاك بهذا الحجر فقال أتاني به من لم يتكل على بنائك جاء به جبريل عليه السلام من السماء فأتماه “ ، وفي رواية أخري ـ يوردها ابن كثير ـ أن جبريل عليه السلام جاءه به من الهند .

ولدينا العديد من الروايات التي تؤكد علي أن الحجر الأسود كان أبيض ، منها ما رواه الفاكهي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال : “ الحجر الأسود من الجنة ، وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك “، “ وقد كشف لنا الرواة الأثبات أنه كان حجراً أبيض اللون ، ناصع البياض ، ولكن الحرائق التي أصابت الكعبة أحالته إلي لونه الأسود الحالي “ ، ولعل أهم هذه الحرائق الحريق الذي كان علي عهد النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ، حين عمدت مرأة إلي تبخير الكعبة بمجمرة فأحترقت وكانت أحد الأسباب التي وقفت وراء إعادة بناء قريش للكعبة ، فكما روي الأزرقي بسنده : “ أن امرأةً ذهبت تجمر الكعبة فطارت من مجمرتها شرارة فاحترقت كسوتها وكانت ركاماً بعضها فوق بعض فلما احترقت الكعبة وهنت جدرانها من كل جانب وتصدعت وكانت الخرف الأربعة عليهم مظللة والسيول متواترة “. ولعل منها ذلك الحريق الذي حدث أثر ضرب الكعبة بالمنجنيق علي عهد عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما . ويروي الفاكهي عن مجاهد بسنده أنه قال : “ نظرت إلي الركن حين نقض ابن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ البيت فإذا كل شيء من داخل البيت أبيض … قال مجاهد : إنما أسود ما ظهر منه لأن المشركين كانوا يلطخونه بالدم في الجاهلية “ .

وكانت قريش تجل الحجر الأسود ، ولعل تلك الفتنة التي حدثت بينهم حال بنائهم للبيت علي عهد النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ لخير شاهد علي إجلالهم للحجر الأسود ، وهو ما يحكيه لنا ابن كثير قائلاً :

” قال بن إسحاق ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن يعني الحجر الأسود فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوروا وتخالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا لعقة الدم فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً ثم إنهم اجتمعوا في المسجد فتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلهم قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا فكان أول داخل رسول الله  فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال (صلي الله عليه وسلم) : هلم إلى ثوباً فأتى به فأخذ الركن يعني الحجر الأسود فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم أرفعوه جميعاً ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده (صلي الله عليه وسلم) ثم بنى عليه وكانت قريش تسمى رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قبل أن ينزل عليه الوحي ( الأمين ) “ .

وقد تعرض الحجر الأسود للقلع والكسر ، وقد روى لنا المؤرخون الكثير عن هذا . فقد تعرض للسرقة علي يد القرامطة سنة 317 ه، والفاسي يحكي لنا عما فعله القرامطة بالحجر الأسود فيقول :

ذكر أهل التاريخ أن عدو الله أبا طاهر القرمطي وافى مكة في سابع ذي الحجة وقيل في ثامنه سنة تسع عشرة وثلاثمائة .. وفعل فيها هو وأصحابه أموراً منكرة منها أن بعضهم ضرب الحجر الأسود بدبوس فكسره ثم قلعه وقيل قلعه جعفر بن فلاح البناء بأمر أبي طاهر يوم الاثنين بعد الصلاة لأربع عشر خلت من ذي الحجة وذهب به إلي بلاده هجر بقي موضعه في الكعبة المعظمة خالياً يضع الناس فيه أيديهم للتبرك “.

وقد بقي الحجر عند القرامطة في البحرين نحو عشرين عاماً ؛ إلي أن قام الشريف أبي علي بن عمر بن يحيي العلوي بالوساطة بين القرامطة والخليفة المطيع لله، فردوه إلي موضعه بالكعبة ، ويصف الفاسي يوم أن رد الحجر إلي موضعه فيقول :

إلي حين رد إلي موضعه من الكعبة المعظمة وذلك في يوم الثلاثاء يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة علي ما ذكره المسبحي وذكر أن الذي وافي به مكة سنبر بن الحسن القرمطي وأن سنبرا لمل صار بفناء الكعبة ومعه أمين مكة أظهر الحجر من سفط وعليه ضبار فضة قد عملت من طوله وعرضه تضبط شقوقاً حدثت عليه بعد انقلاعه وأحضر معه جصاً يشد به فوضع سنبر الحجر بيده وشده الصانع بالجص وقال سنبر لما رده أخذناه بقدرة الله ورددناه بمشيئة الله ونظر الناس إلي الحجر فتبينوه وقبلوه واستلموه وحمدوا الله تعالى “ .

ثم أن السدنة ـ كما يذكر الفاسي ـ “ في سنة أربعين وثلاثمائة قلع الحجبة الحجر الأسود الذي نصبه سنبر وجعلوه في الكعبة خوفاً عليه وأحبوا أن يجعلوا له طوقاً من فضة يشد به كما كان قديماً حين عمله ابن الزبير فأخذ في إصلاحه صانعان حاذقان فعملا له طوقاً من فضة وأحكماه “.

ولم يسلم الحجر الأسود من الأذى بعد فتنة القرامطة ، فإنه “ في سنة ثلاث عشر وأربعمائة يوم النفر الأول قام رجل فقصد الحجر الأسود فضربه ثلاث ضربات . بدبوس وتخربش وجه الحجر من تلك الضربات وتساقطت منه شظايا مثل الأظافر .. وتشقق وخرج أسمر يضرب إلي الصفرة محبباً مثل الخشخاش فأقام الحجر علي ذلك يومين ثم إن بني شيبة جمعوا الفتات وعجنوه بالمسك واللك وحشوا الشقوق وطلوها بطلاء من ذلك “ .

والحجر الأسود موجود حالياً في موضعه في الركن الشرقي من الكعبة المسمى باسمه لأنه علم ، وأنه مازال هو العلامة لبدء الطواف باستلامه .

رابعاً : سطح الكعبة

هو ذلك الجزء المواجهه للسماء من الكعبة المشرفة ، وقد قام الفاسي بحساب أبعاد سطح الكعبة ؛ فكانت كالتالي :

  1. من وسط الجدار الشرفي إلي إلي وسط الجدار الغربي : 14 ذراع وثلاثة أثمان الذراع ( 8.12 متراً ) .
  2. من وسط الجدار الشامي إلي وسط الجدار اليماني : 18 ذراع إلا ثمن الذراع ( حوالي 10 أمتار ) .
  3. ارتفاع السور العلوي للسقف :

أ‌)       من الجهة الشرقية : ذراع إلا ثمن الذراع ( حوالي 49 سنتيمتر ) .

ب‌)  من الجهة الشامية : ذراع وثمن الذراع ( 63.5 سنتيمتر ) .

ت‌)  من الجهة الغربية : ذراع ( 56.5 سنتيمتر ) .

ث‌)  من الجهة اليمانية : ثلثا الذراع ( حوالي 38 سنتيمتر ) .

  1. عرض السور العلوي للسقف :

أ‌)       من الجهة الشرقية : ذراعان إلا سدس الذراع ( 1.2 متر ) .

ب‌)  من الجهة الشامية : ذراعان إلا ثمن الذراع ( 1.06 متر ) .

ت‌)  من الجهة الغربية : ذراع وخمسة أثمان الذراع ( 91.8 سنتيمتر ) .

ث‌)  من الجهة اليمانية : ذراع ونصف الذراع وقيراط ( حوالي 86.3 سنتيمتر ) .

ويصف عبد الكريم القطبي (ت: 1014هـ) أن سطح البيت كله كان مرخماً بالرخام الأبيض ، أما سقف الكعبة من الداخل ، فمنقوس بالكتابات العربية ومعلق به هدايا الكعبة . أما الفتحة التي في السطح فتسمي باب التوبة ، ولها ستارة خاصة كانت تصنع مع الكسوة الخارجية في مصر . وهو يقع في الجهة الشمالية من السطح ، وقذ صنع له الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود باباً جديداً عليه زخارف تطابق زخارف باب الكعبة ، وعرض الباب 70 سنتيمتر ، وارتفاعه 230 سنتيمتر .

ومحيط السطح من الخارج به من الجهات الأربعة حلقات تربط فيها الكسوة ، وهي حلقات نحاسية .

 وقد تعرض السقف للضرر كثيرأ بسبب الأمطار ، وسقط أكثر من مرة في عصور متباعدة زمانياً ، وقام عدد من السلاطين والملوك بعمل إصلاحات كثيرة وصيانة للسقف ، منها ما أصاب البيت من سيل القناديل الذي وقع في سنة 838 هـ ، ودخل المسجد الحرام من جميع أبوابه ، وسقط سقف الكعبة علي أثره ، فأمر السلطان برسباي بعمارته .

وفي سنة 931 هـ ؛ وقع ترميم للسقف حيث حشوا الموضع المتصدع من السقف ، لكن هذا الحشو لم يتماسك طويلاً فتصدع السقف مرة أخري ، فأمر السلطان سليمان خان بترميم السقف وإصلاحه ، وكان ذلك سنة 959 هـ . وقد وقع ترميم أخر للسقف بعد بناء مراد خان للبيت سنة 1040 هـ ، وكان هذا الترميم سنة 1045 هـ .

وفي سنة 1073 هـ ؛ انكسرت خشبة من السقف ، فضطروا لكشف السقف وترميمه. وفي سنة 1100 هـ تأكل أفريز السطح ، فعملت له صيانة) .

وفي سنة 1109 هـ ؛ صعد أمر مكة إلي السطح وتحقق من خرابه في السادس من محرم ، فأخرج المهندسون السقف المنكسر ، وعملوا سقفاً جديداً . وفي سنة 1316 هـ ؛ في إمارة الشريف عون الرفيق ، ارسل رئيس السدنة الشيخ محمد صالح بن أحمد بن محمد الشيبي ابنه لفتح الكعبة بسبب رائحة نتنة كانت تفوح منها ، فوجد أن سبب تلك الرائحة هو تسرب الأمطار من السقف الخرب ، فأصلحوا السقف .

خامساً : الميزاب

من جملة الأشياء الموجودة في سطح الكعبة وتلعب دوراً وظيفياً هاماً ؛ هي الميزاب ، فهو المسئول عن تصريف مياه الأمطار من سطح الكعبة .

وفي “لسان العرب” : “ ويقال للـمِيزاب الـمِزْرابُ والـمِرْزابُ؛ قال الـمِزرابُ لغة فـي الـمِيزابِ؛ قال ابن السكيت الـمِئْزابُ وجمعه مآزيبُ ولايقال الـمِزْرابُ (.

ويعرف الميزاب الذي في سطح الكعبة باسم “ميزاب الرحمة” ، وهو موجود في الجدارالذي يلي الحجر ، لذلك ؛ فماءه يصب في الحِجْر ، فيما بين الركنين العراقي والشامي . ويمتد الميزاب من منتصف جدار الكعبة إلي الخارج بمقدار أربعة أو خمسة أقدام) ( 1.22 ـ 1.52 متراً  ) .

وأول من وضع الميزاب للكعبة قريش حين بنتها سنة 35 من ولادة النبي صلي الله عليه وسلم ، حيث كانت قبل ذلك بلا سقف ، ثم لما بناها عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وضع لها ميزاباً وجعل مصبه علي حجر إسماعيل كما فعلت قريش ( .

 وقد جدد الميزاب مرات عديدة ، وصنعه بعض الملوك والسلاطين من الذهب الخالص ، وبعضهم صنعه من الفضة . ومن أمثلة صناعته من الفضة ؛ الميزاب الذي أمر بصنعه سليمان خان سنة 931 ه؛ ومن أمثلة صناعته من الذهب ؛ المزياب الذي أمر بصنعه السلطان عبد المجيد خان وركب سنة 1276 ه ، وهو الموجود الأن في الكعبة .

( وصف الكعبة من الداخل )

يشم الداخل إلي الكعبة المشرفة ريحاً طيبةً هي خليطٌ من المسك والعود والعنبر الذي يستخدم بكميات كبيرة في تبخيرها ؛ ثم يرى الجزعة وأشياءً أخرى داخلها . وإليك وصفاً لما هو داخل البيت .

وممن قام بتزويق الكعبة من الداخل ـ  هو باقوم الرومي ومن معه من أعوانه .

أولاً : الأعمدة

يوجد بداخلها ثلاثة أعمدة مرصوصة في صف واحد وهي تقريباً في وسط الكعبة مصفوفة من الشمال إلي الجنوب ، تكون علي اليمين بالنسبة للداخل إلي الكعبة . والمسافات كما أوردها الفاسي ؛ هي :

المسافة بين العمود الأول والجدار الشرقي للكعبة سبعة أذرع وثمن ( 4.03 متر) .

المسافة بين العمود الثاني والجدار الشرقي للكعبة سبعة أذرع وثمن ( 4.03 متر) .

المسافة بين العمود الثالث (المقابل لجدار الحجر) والجدار الشرقي للكعبة سبعة أذرع إلا قراطين ( 3.98 متر) .

المسافة بين العمود الأول والجدار الغربي(جدار الظهر) سبعة أذرع ( 3.96 متر) .

المسافة بين العمود الثاني والجدار الغربي(جدار الظهر) سبعة أذرع إلا قراطين ( 3.91 متر) .

المسافة بين العمود الثالث (المقابل لجدار الحجر) والجدار الغربي(جدار الظهر) سبعة أذرع ( 3.96 متر) .

المسافة بين العمود الأول والجدار اليماني أربعة أذرع وثلث ( 2.45 متر) .

المسافة بين العمود الأول والعمود الثاني (الأوسط) أربعة أذرع وربع وثمن ( 2.47 متر) .

المسافة بين العمود الثاني (الأوسط) والعمود الثالث  أربعة أذرع ونصف ( 2.55 متر) .

بينما يذكر موقع الحج والعمرة التابع للحكومة السعودية علي شبكة الإنترنت أن “ المسافة بين كل عمودين 2.35 متر “.

وقد حكي الازرقي أن عبد الملك بن مروان قد كسي العمود الأوسط بالذهب علي هيئة صفائح . والأعمدة الثلاثة حتى الآن من الخشب ومحلاة بزخارف ذهبية . “ ومحيط كل عامود منها 150سم تقريباً وبقطر 44سم ، ولكل منها قاعدة مربعة خشبية منقوشة بالحفر على الخشب … وهذه الأعمدة الثلاثة مرتفعة إلى السقف الأول الذي يلي الكعبة المشرفة ولا تنفذ من هذا السقف إلى السقف الأعلى الذي يلي السماء ، ولكن جعلت عدة أخشاب بعضها فوق بعض على رءوس هذه الأعمدة الثلاثة من داخل السقفين إلى أن تصل إلى السقف الأعلى ، فتكون هذه الأعمدة الثلاثة بهذه الصفة حاملة للسقفين المذكورين. ويوجد في كل عمود ثلاثة أطواق للتقوية . ( .

والعامة تسمي العمودين الأوسط والثالث بعمودي “الحنان” و”المنان” لأن كلمتي الحنان والمنان المكتوبتين علي الكسوة تقابل موضعيهما .

ثانياً : المعاليق

لمعاليق البيت العتيق تاريخ قديم بقدم الكعبة ذاتها ، “ فقد ذكر المسعودي في أخبار الفرس : وكانت الفرس تهدي إلي الكعبة أموالاً في صدر الزمان وجواهر وقد كان ساسان بن بابك أهدى غزالين من ذهب وجواهر وسيوفاً وذهباً كثيراً “ ، ويذكر الأزرقي( : أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ لما فتح مدائن كسرى بعث بهلالين فعلقا في الكعبة ، كما أن عبد الملك بن مروان بعث بالشمستين وقدحين ، وكذا الولد بن عبد الملك بعث بقدحين ، وكما بعث الوليد بن يزيد سنة 101هـ بالسرير الزيني وهلالين ، كما بعث أبو العباس بالصفحة الخضراء ، وبعث أبو جعفر المنصور بالقارورة الفرعونية ، وكذلك قصبتين علقهما هارون الرشيد ، وبعث المأمون بالياقوتة التي كانت تعلق في وجه الكعبة في موسم الحج ، وكذلك شمسة من ذهب مكلل بالدر والياقوت والزبرجد بعثها جعفر المتوكل .

وقد ذكر الفاكهي في صفة الياقوتة التي بعث بها المأمون ، أنها أكبر من الدرة اليتيمة .

ومن ذلك قناديل ذهب وفضة أهداها للكعبة الملك المنصور عمر بن علي من رسول صاحب اليمن في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ومن ذلك قفل ومفتاح أهداها إليها الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر … ومن ذلك حلقتان من ذهب مرصعتان باللؤلؤ والبلخش كل حلقة وزنها ألف مثقال وفي كل حلقة ست لؤلؤات فاخرات وبينها ست قطع من بلخش فاخر بعث بذلك الوزير علي شاه وزير السلطان أبي سعيد بن خدابنده ملك التتر علي يد الحاجي مولاواخ في سنة ثمان عشرة وسبعمائة ( .

كما أرسل الخليفة المأمون السرير الذي أهداه له ملك التبت بعد إسلامه . ويستمر الفاسي في محاولة حصر معاليق الكعبة المشرفة في زمانه ، فيقول :

وأهدى الناس بعد ذلك للكعبة قناديل كثيرة والذي بالكعبة الآن من المعاليق ستة عشر قنديلاً منها ثلاثة فضة وواحد ذهب وواحد بلور واثنان نحاس والباقي زجاج حلبي وهو تسعة … وليس في الكعبة الآن شي من المعاليق التي ذكرها الأزرقي ) .

وكانت الشمسة ( نوع من الحلي ) من جملة معاليق الكعبة ، وكان الخليفة المتوكل كثير الإهتمام بهذا النوع من المعاليق ، وقيل أنه أول من علق الشمسة بالكعبة ، وكان يبعث بها مع قافلة الحج كل عام لتعلق علي باب الكعبة بعد الكسوة) .

وقد كان الأزرقي قد ذكر أن معاليق الكعبة سبعة وعشرين معلاقاً ، وهي معلقة بين أعمدة الكعبة الثلاثة في ثلثيها الأعلى ، ثم يذكر توزيع تلك المعاليق داخل الكعبة وبين الأعمدة الثلاثة ، وقد أمرت أم أمير المؤمنين سنة 310هـ أن تلبس كلها ذهباً( .

وقد أُخذت تلك المعاليق كلها من الكعبة وصرفت علي الفتن ، وفي سنة 984هـ وصل محمد جاويش بأمر من الباب العالي ، وجهزت السلطنة في صحبته ثلاث قناديل من الذهب مرصعة بالجواهر لتعلق اثنان منها في سقف البيت العتيق .

ومن جملة التعاليق التي كانت موجودة في الكعبة قرني الكبش الذي فُدي به إسماعيل عليه السلام في حادث الذبح ، وقد حكي الطبري علي لسان أبي سفيان بن حرب أنه رأي قرني الكبش معلقين في البيت قبل أن يحترق . ويذكر الحافظ ابن كثير في “قصص الأنبياء” روياً عن عثمان بن طلحة ، أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ دعاه يوم الفتح الأكبر ، وقال له : “ إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت ، فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما ، فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي “ .

ويعتقد الباحث أن قرني الكبش قد احترقا في عهد ولاية عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ حين ضرب حصين بن النمير الكعبة بالمنجنيق ، وقد دلت الروايات السالفة الذكر علي وجود ومشاهدة قرني الكبش حتى عهد فتح الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ لمكة ، ولم يكن الحريق الذي أودى بالقرنين ذلك الذي كان علي عهد قريش ، والذي قد يفهم من رواية الطبري علي لسان أبي سفيان بن حرب ، فرواية ابن كثير علي لسان عثمان ابن طلحة تنفي ذلك ، وتؤكد وجودهما حتى عهد فتح مكة ، كما أن القدوسي يذكر عن بناء قريش للبيت في عهد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قبل البعثة ما يؤكد سلامة القرنين ، إذ يقول :

 ” وكانوا قد أخرجوا ما كان في البيت من حلية ومال ، وقرني الكبش وجعلوا ذلك عند أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى ابن عثمان بن عبد الدار بن قصي … حتى فرغوا من بناء البيت فردوا ذلك المال في الجب وعلقوا فيه الحلي وقرني الكبش “ .

ثالثاً : جب الكعبة (كنز الكعبة)

جب الكعبة ؛ هو تلك الحفرة التي علي يمين الداخل إليها بمقدار مد اليدين . وهي الحفرة التي حفرها إبراهيم عليه السلام حين رفع القواعد مع إسماعيل عليه السلام . والجب “ كان يكون فيه ما يهدي إلي الكعبة من حلي أو ذهب أو فضة أو طيب أو غير ذلك ، وكانت الكعبة بلا سقف ، فسرق منها علي عهد جرهم مال مرة بعد مرة “ .

ويورد الأزرقي خبراً عن محاولة سرقة هذا الجب والثعبان الذي قيل أنه كان يحرس الجب ؛ فيقول :

وكانت جرهم ترتضي لذلك [الجب] رجلاً يكون عليه يحرسه ، فبينا رجل ممن ارتضوه عندها إذ سولت له نفسه فانتظر حتى انتصف النهار ، وقلصت الظلال ، وقامت المجالس ، وانقطعت الطرق ، ومكة إذ ذاك شديدة الحر ، بسط رداءه ، ثم نزل في البئر فأخرج ما فيها فجعله في ثوبه ، فأرسل الله عز وجل حجراً من البئر فحبسه حتى راح الناس ، فوجدوه فأخرجوه ، وأعادوا ما وجدوا في ثوبه في البئر ، فسميت البير الأخسف ، فلما أن خسف بالجرهمي وحبسه الله عز وجل ، بعث الله عند ذلك ثعباناً وأسكنه في ذلك الجب في بطن الكعبة أكثر من خمسمائة سنة يحرس ما فيه ، فلا يدخل أحد إلا رفع رأسه وفتح فاه ، فلا يراه أحد إلا ذعر منه ، وكان ربما يشرف علي جدار الكعبة ، فأقام كذلك زمن جرهم وزمن خزاعة وصدراً من عصر قريش “ .

وعن مال الكعبة وعدم المساس به يذكر الأزرقي أخباراً كثيرةً عنها ، منها :

حدثني محمد بن يحيي عن الواقدي عن أشياخه ، قالوا : قال عمر رضي الله عنه : لقد هممت أن لا أترك في الكعبة شيئاً إلا قسمته ، فقال له أبي ابن كعب : والله ما ذلك لك ؛ قال : ولم ؟ قال : قرر الله موضع كل مال وأقره رسول الله (صلي الله عليه وسلم) ؛ قال : صدقت … قال : وذكروا أن النبي (صلي الله عليه وسلم) وجد في الجب الذي كان في الكعبة سبعين ألف أوقية من ذهب مما كان يهدي إلي البيت ، وأن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، قال : يا رسول الله لو استعنت بهذا المال علي حربك ، فلم يحركه ، ثم ذكر لأبي بكر فلم يحركه “ .

وقد روي البخاري نحوه في صحيحه :

حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا سفيان ، حدثنا واصل الأحدب ، عن أبي وائل قال : جئت إلي شيبة وحدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان عن واصل ، عن أبي وائل ، قال : جلست مع شيبة علي الكرسي في الكعبة ، فقال : لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه ، فقال : لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته ، قلت : إن صاحبيك لم يفعلا ، قال : هما المرءان أقتدي بهما .

وقد ظل جب الكعبة باقياً إلى عهد عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ، ” ثم أزيلت وتحولت خزانة الكعبة إلى دار شيبة بن عثمان بن أبي طلحة . واستعيض عن الجب بإيجاد مشاجب ومعاليق لهدايا الكعبة المشرفة في الداخل “ .

رابعاً : أرضية الكعبة

أ ـ الأرضية :

قام الولد بن عبد الملك بفرش أرضية الكعبة المشرفة بالرخام ؛ وقد ميز منه رخامة جعلها بلون أبيض يختلف عن لون بقية الرخام المستخدم في فرش الأرضية ، والرخامة البيضاء هذه هي موضع صلاة النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ حين صلي بالكعبة يوم أن فتح مكة . ويذهب باسلامة إلي أن باطن أرض الكعبة المشرفة مفروش برخام أغلبه أبيض وقليل منه ملون . وقد ذكر الأزرقي أن الرخام المفروش في أرضية الكعبة علي ثلاثة ألوان ( أبيض وأحمر وأخضر ) وعدده 36 رخامة منها أربعة خضر بين الأعمدة والجدران ( جدار الحجر والجدار اليماني ) ، وأن ما بين الجدار الشرقي (الذي به الباب) والرخام الأخضر الذي بين الأعمدة 16 رخامة منها 6 رخامات بيضاء .

وتغطى أرضية الكعبة الآن رخام أبيض في وسطها ، أما الأطراف فيحددها شريط من الرخام الأسود ، من رخام الروزا (الوردي) ، والذي يرتفع إلى جدران الكعبة مسافة 4 أمتار دون أن يلاصق جدارها الأصلي . وتوجد رخامية واحدة ـ فقط ـ ذات لون غامق تحدد موضع سجود الرسول ـ صلى الله عليه وسلم . وتوجد علامة برخامة أخرى في موضع الملتزم .

ب ـ جزعة الكعبة :

الجزعة هي التي تستقبل من دخل من باب الكعبة ، “ وهذه الجزعة أرسل بها الوليد بن عبد الملك فجعلت هناك “ ؛ وهي عبارة عن رخامة مخططة بخطوط بيضاء وسوداء ، طولها 12 ذراعاً (5.76 متراً) ، وهي ترتفع قليلاً عن بقية رخام الأرضية ، وجزء من طرفها الأيمن مطلي بالذهب( . ويصفها الأزرقي بأنها سوداء مخططة ببياض ، وأنها مدورة وحولها طوق من ذهب مقداره ثلاثة أصابع ، ويقال أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ صلي مقابل موضعها ، وأنه قد جعلها حيال حاجبه الأيمن

ج ـ مصلي الرسول (صلي الله عليه وسلم) :

يوم فتح مكة ، دخل الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ الكعبة وصلي داخلها ركعتين ، وقد ذكر الفاسي خبراً عن الموضع الذي كانت به صلاة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ داخل الكعبة ؛ فيقول :

أخبرني إبراهيم بن محمد المؤذن سماعاً بالمسجد الحرام أن أحمد بن أبي طالب الحجار الصالحي أخبره عن ابن         وابن هارون قالا أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا أبو الحسن الدوادي قال أخبرنا أبو محمد بن حمديه قال أخبرنا إبراهيم بن حزيم قال أخبرنا عبد بن حميد قال حدثني سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الفتح فنزل بفناء الكعبة وبعث إلي عثمان بن طلحة فجاء بالمفتاح ففتح له الباب فدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم البيت وعثمان بن طلحة وأسامة وبلال فلما خرجوا ابتدرهم الناس فقلت لبلال أصلي رسول الله صلي الله عليه وسلم في البيت ؟ قال نعم قلت أين ؟ قال بين العمودين المقدمين تلقاء وجهه . أخرجه مسلم في صحيحه عن قتيبة بن سعيد “.

وقد روي البخاري عن قتيبة بن سعيد نحو ما ذكره الفاسي ؛ ونصه :

حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه أنه قال : دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم البيت ، هو وأسامة بن زيد ، وبلال ، وعثمان بن طلحة ، فأغلقوا عليهم ، فلما فتحوا كنت أول من ولج ، فلقيت بلالاً فسألته هل صلي فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، بين العمودين اليمانيين .“ .

وكان عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ إذا دخل الكعبة مشي جهة الوجه حين يدخل ، ويجعل الباب قِبل الظهر ، ويمشي حتى يكون بينه وبين الجدار الذي أمام وجهه حوالي متر ونصف ، فيصلي مقتفياً أثر الموضع الذي أخبر به بلال ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ صلي فيه .

د ـ مسمار الكعبة :

وفي الألواح التي في داخل الكعبة كانت وجد مسامير ، ذكرها الأزرقي وغيره في وصفهم لداخل الكعبة ، فيذكر الأزرقي أن هناك حوالي 16 مسماراً منها ثلاثة في الألواح التي تلي الملتزم ،  وثلاثة مسامير فيما بين ركن الحجر الأسود والركن اليماني ، ومنها مسمار في بطن الكعبة ، أما بقية الألواح ففيها مسمار أو مسمارين ، والمسامير مفضضة وقطرها حوالي سبع أصابع (14سنتيمتر) . ولا يذكر الأزرقي وصفاً تفصيلياً للمسمار الذي في بطن الكعبة أكثر من أن ارتفاعه أربعة أذرع ونصف (حوالي متران وربع المتر )  ، وقد ارتبط هذا المسمار ببدعة ظهرت في حوالي سنة 600 هـ ، يقول عنها الطبري : “ مسمار في وسط البيت يكشف العامة ثيابهم عن بطونهم حتى يضع الإنسان سُرَّته عليه ، وينبطح بجملته علي الأرض واضعاً سرته علي سُرَّة الدنيا ) ، أما التجيبي فيصف المسمار بقوله : “ مسمار فضة تقريباً في وسط البيت في لوح من رخام من ألواح سطح البيت الشريف سموه (مسمار سُرَّة الدنيا) وحملوا العامة علي أن يكشف أحدهم عن سُرَّته وينبطح بها علي ذلك المسمار حتى يكون واضعاً سُرَّته علي سُرَّة الدنيا “ .

هـ ـ عتبة الكعبة :

ترتفع عتبة باب الكعبة عن الأرض بمقدار أربعة أذرع وثمانية أصابع ( 2.08 متر) ، وعرضها ثلاثة أذرع وثمانية عشر إصبعاً (1.80 متر) ، وقد كانت هذه العتبة مساوية للأرض في بناء عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ، لكن الحجاج رفعها عن الأرض وظلت علي هذه الحالة حتى الآن .

خامساً : أستار الكعبة الداخلية

كانت قريش حين بنت الكعبة قبل بعثة الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قد زوقت سقف الكعبة وجدرانها الداخلية وكذلك أعمدتها وجعلوا فيها صور الأنبياء والشجر والملائكة “ فكان فيها صورة إبراهيم خليل الرحمن شيخ يستقسم بالأزلام ، وصورة عيسى بن مريم وأمه ، وصورة الملائكة عليهم السلام أجمعين “ ، وقد أمر الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ يوم الفتح العظيم بمحو هذه الصور تمام ، كما ذكر الأزرقي وغيره بطرق مختلفة .

ثم اتخذ المسلمون أستاراً داخلية للكعبة تشبه أستار الكسوة الخارجية ، وتصنع من الحرير البيض ويوضع عليها نقوش لكلمات وأدعية مأثورة ، وهي تغير متي بليت ومتى أراد أحد الملوك أو السلاطين تجديدها ، فتغييرها ليس بنفس الانضباط الذي تغير به الكسوة الخارجية ، وقد اهتم المماليك والعثمانون بها ، فقد “ كان سلاطين المماليك يحرصون عقب ارتقائهم عرش السلطنة علي تجديد الأستار الداخلية للكعبة ، وكانت هذه الأستار منذ عهدهم تصنع من الحرير الأحمر ، وكانت تكتب عليها الشهادتان “لا إله إلا الله محمد رسول الله” وكانت تكتب عليها أيضاً آيات قرآنية جليلة وأسماء أصحاب المعالي من السلاطين “ . وكانت تصنع في مصر حتى عهد السلطان أحمد خان الذي أمر أن تصنع الأستار الداخلية في استانبول وترسل عن طريق مصر وذلك منذ عام 1118هـ / 1706م . والستائر الداخلية الآن لونها أخضر (أو اللون الوردي) ، ومكتوب عليها بالفضة آيات قرآنية ، وتمتد حتى تغطي سقف الكعبة الداخلي .

سادساً : الروازن

الروزنة مربع صغير يسمح بدخول الضوء ؛ وأول من صنعها للكعبة هو عبد الله بن الزبير عندما أعد بناءها سنة 64 هـ ، فقد جعل لها روازن للضوء صنعه من رخام يقال له البلق جلبه من اليمن . وفي الكعبة أربعة روازن ، إحداها عند الركن الغربي ، والثانية جهة الركن اليماني ، والثالثة حيال ركن الحجر الأسود ، والرابعة جهة العمود الأوسط في الجدار الشرقي الذي به الباب ؛ وقد ظلت إلى عام 843هـ حيث ألغاها الملك الأشرف برسباي ليمنع دخول المطر داخل الكعبة المشرفة) .

سابعاً : سلم الكعبة

داخل الكعبة وفي الركن العراقي يوجد سلم ملتو يُصعد من خلاله إلي سطح الكعبة المشرفة . وأول من عمل السلم داخل الكعبة كانت قريش حين بنتها علي عهد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ وقد جعلوه من الخشب . ويذكر إبراهيم رفعت في كتابه “مرآة الحرمين” أن السلم يتكون من سبع وعشرين درجة كان قد أرسله الملك المؤيد المصري سنة 817هـ / 1414م ، ثم استبدله الملك الظاهر خوشقدم بأخر متقن الصنعة سنة 868هـ / 1463م ، وقد جدد هذا السلم بأمر من السلطان العثماني مصطفي خان سنة 1115هـ / 1703م ، وصنع له أربع درجات من رخام ، “ وإذا صعد الإنسان من الدرج إلى السطح فقبل وصوله إلى السطح بنحو قامة يرى أمامه بابا صغيرا وعن يساره بابا مثله ، وكلاهما يدخل إلى ما بين سقفي الكعبة المشرفة “ ؛ وهو الآن مصنوع من الألومنيوم والكريستال .

ثامناً : الألواح

ما زالت توجد داخل الكعبة حتى الآن مجموعة من بلاطات الرخام التي تم تجميعها علي مدار الأزمان تشهد بتوسعة وتجديد الحرم المكي الشريف ، وعددها الآن عشرة ؛ وكلها مرتفعة عن رخام أرض الكعبة بمقدار 1.44 متر ما عدا الحجر الموضوع فوق عقد باب الكعبة المشرفة من الداخل فإنه يرتفع بأكثر من مترين . وتوزيع الألواح علي جداران الكعبة الداخلية الآن ؛ كالتالي :

  1. الجدار الشرقي (الذي به الباب) : لوح فوق عقد الباب ، ولوح يلي الباب من اليمين (بالنسبة للداخل) ، وهو لوح به نقش للخليفة أبو جعفر المنصور ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . أمر بعمارة البيت المعظم . الأمام الأعظم أبو جعفر المنصور المستنصر بالله أمير المؤمنين بلغه الله أقصي آماله ، وتقبل منه صالح أعماله ، في شهور سنة تسع وعشرين وستمائة ، وصلي الله علي سيدما محمد وآله وسلم “ .

ثم يليه لوح حديث منقوش بأعمال الملك فهد ـ رحمه الله ، ثم يليه لوح به نقش للسلطان مراد خان ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم تقرب بتجديد هذا البيت المعظم العتيق إلي الله . سبحانه وتعالي خادم الحرمين المحترمين وسائق . الحجاج بين البحرين السلطان مراد خان . ابن السلطان أحمد خان ابن السلطان محمد خان خلد الله تعالي ملكه وأيد سلطنته في أواخر شهر رمضان المبارك . المنتظم في سلك شهور سنة أربعين وألف من الهجرة النبوية علي صاحبها أفضل التحية . “.

  1. جدار الظهر : وقد انتظمت الألواح من الركن الشامي إلي الركن اليماني ؛ كالتالي : لوح به نقش للسلطان محمد خان ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . ربنا تقبل منا . أمر بتجديد سقف البيت الشريف ، وجميع داخل الحرم وخارجه ، مولانا السلطان ابن السلطان محمد خان خلد الله خلافته ، سنة سبعين وألف . “ .

ثم لوح به نقش للملك المظفر صاحب اليمن ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي ، وأن أعمل صالحاً ترضاه وصلي الله علي سيدنا محمد وآله يا رحمان يا رحيم . أمر بتجديد رخام هذا البيت المعظم العبد المفتقر إلي رحمة ربه يوسف بن عمر بن علي بن رسول . اللهم أيده بعزيز نصرك وأغفر له ذنوبه برحمتك يا كريم يا غفار بتاريخ شوال سنة ثمانين وستمائة وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .) .

ثم لوح نقش عليه : “ لا إله إلا الله محمد رسول الله ” . ثم لوح به نقش للملك برسباى ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . تقرب إلي الله تعالي السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباى ، خادم الحرمين الشريفين ، بلغه الله آماله ، وزين بالصالحات أعماله ، بتاريخ سنة ست وعشرين وثمانمائة . “ .

 ثم لوح به نقش للسلطان قايتباي ، ونصه :

بسم الله الرحمن الرحيم . ربنا تقبل منا إنك أنت السميع ، أمر بترخيم داخل البيت مولانا السلطان الملك الأشرف قايتباى خلد الله ملكه يا رب العالمين بتاريخ مستهل رجب الفرد عام أربعة وثمانين وثمانمائة من الهجرة . ) .

ثم لوح به نقش لأم السلطان مصطفي خان عبارة عن مجموعة من الأبيات الشعرية ، ونصها :

قد بدا التعمير في بيت الإله              قبلة الإسلام والبيت الحرام

   أم خان الورى مصطفي خان         دام بالنصر العزيز المستدام

   بادرت صدقاً إلي التعمير ذا         إنما كان بإلهام السلام

   وارتجت من فضله سبحانه           أن يجازيها به يوم القيام

   قال تاريخاً له قاضي البلد            عمرته أم سلطان الأنام

   تاسعاً : كرسي الكعبة

هو مقعد مزين ومحلي موضوع داخل الكعبة خاص بسادنها ، وقد كان السلطان الغوري قد أهداه إلي الكعبة ، ثم جدده السلطان العثماني مراد خان الرابع سنة 1043هـ / 1633م.

 

___________

المراجع والمصادر :

* الفاسي ـ شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام .

* موقع الحج والعمرة : http://www.tohajj.com/

*  الأزرقي ـ أخبار مكة وما جاء بها من الآثار ـ الجزء الأول ـ مصدر سابق ـ ص 224 .

*  وليد سيد حسنين محمد ـ وصف الأماكن المقدسة وتاريخها في كتاب “مرآة مكة” لأيوب صبري باشا دراسة في أدب الرحلات ـ .

*  محمد بن عبد الله القدحات ـ جهود الخلافة العباسية في عمارة الحرمين الشريفين ومشاعر الحج في الحجاز ـ مجلة الدارة .

* عبد الكريم القطبي ـ إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام ـ .

* الطبري ـ تفسير الطبري ـ الجزء الثالث والعشرون  .

* ابن كثير ـ قصص الأنبياء ـ دار ابن زيدون ـ بيروت ـ لبنان ـ بدون تاريخ  .

* عبد القدوس الأنصاري ـ التاريخ المفصل للكعبة المشرفة قبل الإسلام  .

* أحمد السيد دراج ـ الكعبة المشرفة سرة الأرض ووسط الدنيا .

* حسين عبد الله با سلامة ـ تاريخ الكعبة المعظمة عمارتها وكسوتها وسدانتها ـ الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام علي تأسيس المملكة ـ الرياض ـ 1419هـ ؛ 1999م ـ ص178 .

*   ابن عبد ربه الأندلسي ـ العقد الفريد ـ مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ـ القاهرة ـ مصر ـ 1388 هـ ؛ 1966 م ـ ص 257 .

* العبدري الحجبي ـ إعلام الأنام بتاريخ بيت الله الحرام ـ  .

Share
اظهر المزيد

‫6 تعليقات

  1. جزاكم الله كل خير على هذه المعلومات القيمة ولى سؤال أتمنى أن أجد أجابته لديكم ( الى أى جدار أو ركن من الكعبة المشرفة نتجه اليه فى القاهرة بمصر عند صلاتنا ) ؟ ولكم منى خالص الدعاء بالتوفيق دائما

  2. جزانا وإياكم … بلاشك اتجاهنا سيكون بمحازاة الركن اليماني أوالشامي …
    .
    .
    وكل بلد تتجه ناحية الكعبة فيقع اتجاهها لركن ما كجزء من الكعبــة ككــل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error:
إغلاق
إغلاق